• انهيار الإعلام الأمريكي

    الصحافة الأمريكيةالحرية - في الإعلام الأمريكي - تراجعت إلى حد كبير ومن أسباب ذلك التحول الكبير - في شركات الإعلام - إلى التكتل والأخطبوطية ، والتي أصبحت تسيطر على مفاصل الإعلام الأمريكي ولها من القوة المالية والنفوذ ما يجعلها لا تأبه إلا بمصالحها ، وجزء منها ورئيسي مصالحها مع الإدارة الأمريكية ، ويتضح هذا - وبشكل كبير - في الإجراءات والقوانين التي مررتها الإدارة السابقة (وتطبقها الإدارة الحالية بفعالية) بخصوص الإرهاب وتقييد الحريات وللتنصت والتوقيف الاحترازي .

    تميز الإعلام الأمريكي خلال عقود طويلة بأمرين الأول الحرية، ورغم أن مفهوم الحرية في الإعلام مازال ضبابياً إلا أن الأمر يبقى – في الإطار العام – مفهوماً وإيجابياً .. وكانت وسائل الإعلام رائدة في نشر الحقائق بدءاً من حرب فيتنام ، مروراً بما يتعلق بالرؤوساء الأمريكان من فضائح فضلاً ، على أن أفضل أنواع التحرير الصحفي وأكثرها أهمية وهو " التحقيق الاستقصائي" يكاد يكون حصرياً في أمريكا...

    الجانب الآخر دور المنظمات الشعبية الأمريكية ذات العلاقة بالإعلام (مجلس أباء التلفزيون على سبيل المثال) كانت قوية وذات حضور ملموس ولها أثر في نوعية المادة التي تبث (التلفزيونية بالذات المرتبطة بالأسرة والأطفال وما يصلح بثه..) .

    الأمر الثالث الاستقلال الكبير لوسائل الإعلام الأمريكية عن الإدارة وقدرتها على الصمود أمام الضغوط الرسمية المتكررة (خصوصاً ما يتعلق بما يسمى الأمن القومي الأمريكي).

    هذا الثالوث "المقدس" للإعلام الأمريكي يكاد ينهار .. هذا الإعلام والذي كان يضرب به المثل في القوة والاستقلالية والمسئولية (إلى حد ما) أصبح في مهب الريح...

    الإعلام الأمريكي المسيطر الآن (الصحفي والتلفزيوني) هو إعلام مهادن ، بل مدافع عن الإدارة الأمريكية وقراراتها (خصوصاً المتعلقة بالمسلمين خارج أمريكا) ؛ إعلام مردد لنقولات البيت الأبيض ومؤكد لها ..

    الصحف العريقة المستقلة (نيويورك تايمز وواشنطن بوست) فقدت مصداقيتها (نسبياً) وأيدت مواقف الحكومة الأمريكية في غزو العراق وافغانستان ، بل ووافقت على صحة هذه القرارات .

    التلفزيون الإخباري تسيده قناة فوكس اليمينية المتطرفة والحاقدة أما CNN فتراجع موقعها (خصوصاً داخل أمريكا) وخفت لهجتها ، وأصبحت تداري - في تقاريرها - الإدارة الأمريكية وقراراتها...

    هذا لا يعني جميع وسائل الإعلام الأمريكية بل الحديث هنا عن المؤثرة والقوية وإلا فإن أهم تسريب لفضائح غزو أمريكا للعراق وأفغانستان تصدره موقع "ويكيليكس" والذي وجد صاحبة "جوليا أسانغ" صعوبة في إيصال تقاريره للصحف والقنوات الأمريكية .. فنيويورك تايمز - على سبيل المثال - نشرت مقتطفات فقط من التقارير وبعد عرضها على البنتاغون ، وحذفت أجزاء هامة (لأنها تهدد الأمن القومي الأمريكي!!) ولم يكن موقف الصحيفة مؤيداً بقدر ما كان عملاً مهنياً (إلى حد ما)...

    بينما نشرت الجارديان البريطانية تفاصيل موسعة عن التقارير وبمهنية عالية وباستقلال كامل عن رأي الإدارة الأمريكية والبريطانية .

    الحرية - في الإعلام الأمريكي - تراجعت إلى حد كبير ومن أسباب ذلك التحول الكبير - في شركات الإعلام - إلى التكتل والأخطبوطية ، والتي أصبحت تسيطر على مفاصل الإعلام الأمريكي ولها من القوة المالية والنفوذ ما يجعلها لا تأبه إلا بمصالحها ، وجزء منها ورئيسي مصالحها مع الإدارة الأمريكية ، ويتضح هذا - وبشكل كبير - في الإجراءات والقوانين التي مررتها الإدارة السابقة (وتطبقها الإدارة الحالية بفعالية) بخصوص الإرهاب وتقييد الحريات وللتنصت والتوقيف الاحترازي .

    جانب آخر مهم الا وهو تضعضع مؤسسات مراقبة البث والتي كانت خنجر في خصر كثير من المؤسسات الإعلامية - بالذات في البرامج التلفزيونية - والتي تسعى لحماية الأطفال والأسرة من البرامج المبتذلة أو ذات الألفاظ الخادشة ، أو البث في أوقات مبكرة من المساء ، فضلاً عن جهدها في تصنيف الأفلام وعدم السماح للأطفال بمشاهدة أفلام الكبار... هذا الأمر انحسر والكثير من الأفلام أصبحت تحصل على تصنيف أكثر اتساعاً والكثير من البرامج تبث مادة صادمة للأسرة الأمريكية وهذه المنظمات عاجزة عن المواجهة ... جزء من السبب يرجع إلى داخل هذه المنظمات والجزء الأهم نجاح شركات البث ومنتجو الأفلام في ترويض هذه المنظمات وتغريمها إلى حد كبير...

    الاعلام الامريكي فقد المصداقية والمهنية لكن لايزال هو المسيطر على الساحة والامل في البدائل القادمة من مؤسسات صحفية واعلامية ناشئة ومواقع مستقلة ( امريكية بالطبع ) تسعى للوصول للحقيقة بعيدا عن هيمنة الشركات العملاقة المتحالفة مع الادارة الامريكية.

    د. مالك الاحمد

    « كواليس سبتمبر 2001«طلب الاعتذار» بدعة نصرانية وضلالة سياسية »

    Tags وسوم : , , , ,
  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق