• الانقلاب الزجاجي في مصر

    الانقلاب الزجاجي في مصر

    في أوائل التسعينات كان يكفي أن ترمي إنسان بالإرهاب لتتحرك الدولة بأسره لملاحقته واعتقاله ومازلت اذكر حين تشاجر رجلان أمامي فما كان من أضعفهم إلا أن صرخ بأعلي صوته "إرهابي .. إرهابي " ليفر خصمه من أمامه ومن أمام جموع من السذج يطاردونه...تابع


    في أوائل التسعينات كان يكفي أن ترمي إنسان بالإرهاب لتتحرك الدولة بأسره لملاحقته واعتقاله

    ومازلت اذكر حين تشاجر رجلان أمامي فما كان من أضعفهم إلا أن صرخ بأعلي صوته "إرهابي .. إرهابي " ليفر خصمه من أمامه ومن أمام جموع من السذج يطاردونه

    كان هذا نتيجة ضخ إعلامي مكثف وواسع في صراع الدولة مع الجماعات الإسلامية المسلحة وقتها

    أتذكر هذا وأنا أرى الان نفس السيناريو يتكرر في مصر ولكن مع فارق طفيف

    يكفي الان أن يكتب أحد المواقع القبطية المشبوهة- لابد أن تكون مشبوهة لان المواقع الغير مشبوهة لا يتابعها أحد - عنك انك تعادي الأقباط وتضطهدهم لتجد أمامك الدولة بأسرها مجيشة لتأديبك بما يتناسب مع مزاج الخصم .

    أمام حكومة مهتزة وابتزاز مفضوح أصبح الحديث عن الأقباط فزاعة لا تقل شأن ولا رعبا عن فزاعة اضطهاد السامية في أوربا

    كنت يوما في مقر النيابة أنتهى من بعض الاجراءات ووجدت سيدة تتوسل إلي أن اتصل بزوجها واطلب حضوه مع محامي
    تعجبت ..فجميع المتهمين مقيدين في القيد الحديدي , لكن هذه السيدة جالسة بلا قيد ولا رقابة .
    وبجوارها يقف ثلاثة رجال متجهمين أيضا بلا قيد ولا رقابة وعندما استفسرت من الحارس اخبرني أن الأربعة متهمين وكلهم يدعي على الآخر بالسرقة
    فسألته ولماذا لا تقيدهم مثل باقي المتهمين قال انهم "مسيحيين" هذه أوامر البيه المأمور ممنوع مسيحي يقيد عشان القلق , وعندما لاحظ دهشتي همس قائلا " البلد بقت بلدهم يا شيخ"

    هذا المشهد رغم بساطته إلا انه يعكس صورة من الرعب المتفشي في أجهزة الدولة كلها من الاحتكاك بالأقباط أو التعامل معهم ولو وفقا لقوانين الدولة العلمانية .

    في قلب القاهرة اشتكي احد" الفنانين" من صوت أذان الفجر فتم استدعاء خادم المسجد ومنع أذان الفجر في مكبر الصوت الخارجي وتعجب الناس وكان الأشد عجبا ,انه على بعد أمتار فقط من المسجد تظل الكنيسة تقرع أجراسها لمدة ثلث ساعة من السابعة وأربعون دقيقة وحتى الثامنة صباحا ولم يجرؤ الفنان العجوز على اتخاذ موقف من الكنيسة

    وهناك عشرات الأمثلة على هذا الانقلاب الغير مرئي الذي حدث في مجتمعنا والذي تقوده فئة مبتزة وحكومة مهتزة وأكثرية خانعة
    في قلب القاهرة يقع ميدان "فكتوريا" الذي سمى بهذا الاسم نسبة لسيدة يونانية كان تمتلك أراضي واسعة بالمنطقة وكانت حسنة السمعة بين الناس.

    الان وبعد قرابة المائة عام هاجرت فكتوريا من مصر وماتت من سنين وبيعت كل أرضيها وتغيرت المنطقة تمام و قامت جمعية نصر الإسلام بإعادة تطوير الميدان بتكلفة مالية عالية ووضعت أسمها عليه كما هي العادة في ميادين مصر .
    الأقباط لا يعرفون من هي فكتوريا حتى إن نجيب جبرائيل قال في حوار صحفي إنها الملكة "فكتوريا" ملكة انجلترا الشهيرة ومع هذا فقد استفزتهم كلمة " نصر الإسلام " فكتب احدهم "ميدان فكتوريا يشهر إسلامه " ما هي إلا ساعات حتى تجمعت الدولة بأسرها في قلب الميدان وقام محافظ القاهرة عبد العظيم وزير بإصدار أمر فوري بتثبيت الاسم القديم للميدان على عدة لافتات بالمكان وعمل لوحة رخامية للمارة تشرح أصل التسمية وشخصية صاحبتها.
    وصدر بيان من الجمعية الشرعية ينفى صلتها بهذا التغير وبيان من المحافظ تم توزيعه على المكاتب الصحفية وبيان من رئاسة حي الساحل !!
    احد أصحاب المحلات هناك يقول لي "إن عناصر الشرطة السرية كانت تجوب الميدان لمدة أسبوع بحثا عن أي لافتة مكتوب عليه ميدان نصر الإسلام ."

    الموقف لا يحتاج إلى تعليق لاسيما إذا قارننا بينه وبين ما حديث في قرية "دير حنس" التي صدر قرار بتسميتها قرية "وادي النعاع" منذ الستينات إلا أن أهالي القرية لم يحلو لهم رفض القرار والتظاهر ضده إلا الان(!!!)
    فخرج خمسة الآلاف نصراني من القرية يسبون الدولة و الرئيس و المحافظ ويطالبون الأمم المتحدة بالتدخل لمنع تغير القرية وأسرع مرتزقة الأقباط بالعزف على وتر الإضطهاد
    واستمرت المظاهرات لمدة اسبوع حتى اجبروا المحافظ ووزارة الداخلية – الطاغية العتيدة – و وزارة العدل على تغير اسم القرية في الأوراق الرسمية للدولة ولسكانها .

    والأمثلة كثيرة ولكني أوجز القول فأقول :
    إننا أمام انقلاب زجاجي غير مرائي قامت به الكنيسة في خلسة من الوطن وغفلة من المسلمين
    وباتت الأقلية النصرانية أقلية صاحبة امتيازات تزيد على نظام الامتيازات القديم في عهد محمد على , أصبحت الكنيسة دولة مستقلة داخل الدولة المصرية

    فقلاية البابا التي لا يزيد طولها عن أمتار قليلة في عهد البابا كيرلس واسلافه
    صارت الان قصوراً عدة يسميها الإعلام " المقر البابوي"
    وأخبار البابا وصوره أكثر من أخبار رئيس الجمهورية وصوره في أي جريدة , وعظته الاسبوعية صارت مادة مقررة في كل وسائل الإعلام
    وسمعنا من داخل الكنيسة من يصف نفسه بــ "وزير إعلام الكنيسة" وأخر" وزير العدل" وأخر يطالب بتسليم معارض للكنيسة لتحقيق معهم بمعرفة قضاء الكنيسة و وصار الحديث عن مشاكل الأقباط مع الكنيسة شأن داخلي لا يجوز لأحد أن يقحم نفسه فيه

    و كثر مستشارين البابا في كل المجالات حتى سمعنا مؤخرا عن مستشار البابا لشئون النوبة – مع العلم أن النوبة لا يوجد بها نصراني واحد – .

    ناهيك عن معتنقي الإسلام الجدد الذين صارت سجون الأديرة محطتهم الأخيرة ولا يجرؤ احد على معارضة هذا الأمر.

    إبان حملة المقاطعة طفت على قرابة عشرين مركز حقوقي ولم يسمع احد مني وذهبت إلى نقابة المحامين واجتمعت مع كل من قابلتهم أو توسمت فيهم الخير والشجاعة أو جمعتني بهم معرفة سابقة ولم يستطع احد أن يقول شيئا
    ناهيك عن أعضاء مجلس الشعب من الإخوان فضلا عن بعض المستقلين كل هؤلاء لا يستطيع أن يتخذ موقفا "قانونيا " ضد الكنيسة بل بعضهم لا يستطيع الجهر بمخاصمة الكنيسة

    وخرجت علينا الجرائد تتحدث بالوثائق عن قوات مسلحة داخل الكنيسة بعلم الدولة تسمى تمويها " الكشافة" وهذه القوات تتحرك داخل الكنيسة لتنظيم التجمعات وحماية البابا وقيادة المظاهرات وتأديب المعارضين وما خفى كان أعظم ..

    والان ما الفارق بين الكنيسة المصرية وبين "دولة الفاتيكان "؟؟

    الفارق الوحيد أن الفاتيكان دولة مستقلة وإيطاليا دولة مستقلة وكلتهما لا تتدخل في شئون الأخرى
    بينما الكنيسة المصرية قامت بالاستيلاء على السلطة في مصر وضمتها لتصبح أبرشية جديدة خاضعة لسلطان البابا

    البعض يظن أن ما يحدث هو ضغط خارجي على النظام المصري , لكن الحقيق أن النظام المصري يستقوى بالأقباط والعلمانيين على الشعب المصري بعد أن عجز على محو الدين من حياتهم ومجتمعهم
    النظام المصري يعلم أن الشعب يكرهه وهو يبادل الشعب كراهية بكراهية ويستقوى عليه بأعدائه من الأقباط والماركسيين والعلمانيين
    تماما كما كان يحدث في الدولة الفاطمية التي لم تأمن للمصريين أهل السنة فاستخدمت الأقباط وقربتهم ومكنتهم وسلطتهم على رقاب المسلمين.

    العزيز بالله كان له وزيران احدهما يهودي أسمه منشا والأخر نصراني أسمع عيسى بن نسطورس ترك لهام إدارة شئون الدولة فأذلوا المسلمين ذلا كبيرا ومكنوا قومهم من كل شئون الحياة في مصر وراتفعت قامة اليهودي والنصارى بمصر على المسلمين

    حتى كتب احدهم رسالة إلى العزيز بالله قال له فيها "بالذي أعز اليهود بمنشا والنصراني بعيسى بن نسطورس، وأذل بك المسلمين ألا كشفت ظلامتي ؟!"

    عن انا المسلم
    « الطفل البطل.. حامي الأقصىفضيحة سفارة الرافضة بالدانمارك »

  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق