• أزمات العرب هـ 1430

     مدونة لقمان

    نيران التمرد والانفصال تشتعل في اليمن وثلاثية الانقسام والاحتلال والتهويد تتواصل في فلسطين.. الصومال يدخل في أتون الاقتتال والعراق يستمر على طريق العنف والخلاف..

    نيران التمرد والانفصال تشتعل في اليمن وثلاثية الانقسام والاحتلال والتهويد تتواصل في فلسطين.. الصومال يدخل في أتون الاقتتال والعراق يستمر على طريق العنف والخلاف..

    وبينما يقرر الموريتانيون التعايش مع خلافاتهم السياسية، يفاجئ فرقاء لبنان الألدة الجميع بتبادل القبلات تحت أعين الكبار في المنطقة.. وبينما يكمن تحت الرماد جمرة الصراع المغربي الجزائري حول إقليم الصحراء، يقبع في مثلث حدودي بين مصر والسودان بذرة أزمة حول حلايب وشلاتين تحتاج فقط لريها بمشكلة عابرة بين شريكي النيل، وبالانحدار إلى الجنوب قليلا، تلوح في الأفق إرهاصات تناحر بين السودانيين قبيل انفصال متوقع العام المقبل لجنوب بلدهم عن شماله؛ ليصبح العام المقبل على موعد مع انفصالين اثنين في اليمن والسودان!.

    كل تلك الأزمات لم تجعل أمام عام 2009/1430 الذي شارف على الانتهاء فرصة للسير هادئا قبل أن يسلم عهدته إلى العام الجديد، بل جاءه على حين غرة نوع جديد من الأزمات، لم تألفه العلاقات الدولية منذ عقود، ليكون بحق "سبقا عربيا" في القرن الـ21 الميلادي ينتج أزمة سياسية بين مصر والجزائر من رحم مباراة كرة قدم تشبث فيها كل طرف بمبدأ "الروح العدائية".

    وقبيل أيام من انتهاء العام بحلوه ومره، ترصد إسلام أون لاين تلك الأزمات في تصنيف -استقته عبر متابعتها لتلك الأحداث وآراء الخبراء- يضعها في أربع خانات: أزمات مندلعة حديثا وأخرى مزمنة وثالثة آثرت السلامة بارتداء معطف التهدئة ورابعة نائمة تنتظر من يوقظها، وذلك على النحو التالي:

    أزمات مندلعة حديثا

    اليمن.. تمرد وانفصال وسخط شعبي

    ربما يكون عام 2009 هو الأسوأ على الإطلاق بالنسبة إلى اليمن، ففي منتصف العام صدرت دراسة لـ"مؤسسة السلام للأبحاث"، نشرتها مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تفيد بأن "عاصفة هوجاء حصادها الفشل تلوح الآن في أفق اليمن.. وهناك كثيرون قلقون من أن يكون اليمن أفغانستان القادمة، فيخلق مشكلة عالمية مغلَّفة بدولة فاشلة".

    ونجح اليمن في تطبيق كل ما حذرت منه الدراسة حرفيا ليصير "دولة فاشلة" على حد تقييمها، حيث اندلعت الحرب السادسة بين الحكومة والمتمردين الحوثيين في الشمال لتحصد مئات الأرواح وتؤدي إلى نزوح وتشريد 175 ألف يمني، ولم تكتف طاحونة الحرب الأهلية بالدوران داخل الحدود اليمنية، بل امتدت للسعودية التي انطلق سلاح طيرانها ليدك مواقع الحوثيين الذين اتهمتهم بالتسلل إلى أراضيها.

    من جهة أخرى، تصاعدت المطالب في جميع محافظات جنوب اليمن بالانفصال عن الشمال، لدرجة وصف الحكومة اليمنية بأنها "حكومة احتلال".

    وبين نيران الحرب في محافظة صعدة ومظاهرات ما يعرف بقوى الحراك الجنوبي ، يتزايد السخط السياسي والشعبي، فالمعارضة ترى في قيادة الرئيس علي عبد الله صالح للبلاد سببا في اندلاع الأزمات واستشراء الفقر.

    وفي تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" يتوقع المحلل السياسي اللبناني طلال عتريسي أن يكون عام 2010 هو عام "انفصال جنوب اليمن" بسبب وجود قوة دفع قوية داخل الجنوب باتجاه الانفصال، مع غياب إرادة دولية من أجل الضغط على الأطراف اليمنية سواء من أجل وقف القتل في الشمال أو الحوار مع الجنوب.

    الصومال.. اقتتال الأشقاء

    لم يلبث التفاؤل أن يصمد كثيرا على وجوه الصوماليين بعد تشكيل الحكومة الصومالية في أواخر عام 2008 والتي قادها الإسلاميون برئاسة الشيخ شريف شيخ أحمد رئيس المحاكم الإسلامية سابقا، وبدعم دولي خرج من واشنطن. فتلك الحكومة لا تسيطر سوى على جزء يسير من الصومال بينما تستحوذ حركة شباب المجاهدين وحليفها الحزب الإسلامي الرافض في الدخول إلى العملية السياسية على أجزاء واسعة من الصومال، ما أدى إلى حرب طاحنة لا تزال تخلف عشرات القتلى يوميا من بينهم ثلاث وزراء قضوا في تفجير مطلع ديسمبر.

    ويتوقع المحلل السياسي المغربي محمد ضريف أن تستمر تلك الأزمة حيث يفتقر الشعب الصومالي إلى ثقافة الدولة، مع وجود جماعات متمردة تتخذ رؤى أيديولوجية بالإضافة إلى دخول أطراف إقليمية على خط النزاع ليصير حربا بالوكالة، فإريتريا تدعم المتمردين بينما تدعم إثيوبيا الحكومة التي كانت يوما طرفا في النزاع ضدها، ومع هذا المشهد المتداخل لا يبدو أن تهدأ الحرائق في الصومال خلال عام 2010، بحسب رأيه.

    أزمات مزمنة

    فلسطين.. انقسام وابتلاع

    عندما تقترن الأزمة مع الزمن، فمن البديهي أن تحضر القضية الفلسطينية إلى الواجهة، فخلال 60 عاما من الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، لم تتقدم القضية إلى طريق الحل بل على العكس تراجعت إلى مآلات كارثية، ظهرت ملامحها بوضوح في عام 2009 تحديدا.

    ففي الوقت الذي تخطى فيه الانقسام الفلسطيني عامه الثالث مع فشل جهود المصالحة، سرع الاحتلال الإسرائيلي من وتيرة مخططات تهويد القدس المحتلة وابتلاع المسجد الأقصى الشريف، كما توسعت المستوطنات في الضفة الغربية كلما زادت الدعوات العالمية لوقفها وذلك في تحد واضح حتى للإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة باراك أوباما الذي كان يعتقد أن بوسعه دفع إسرائيل لوقف الاستيطان من أجل بدء مفاوضات جادة مع الفلسطينيين، لكن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنامين نتنياهو تكفلت بعناء إفاقة أوباما من هذا الحلم ودفعته إلى الرضا بالأمر الواقع.

    وبينما لم يستطع العرب أن يمنعوا التراجع الأمريكي في الضغط على إسرائيل، اكتفوا بالتعبير عن إحباطهم من العجز الأمريكي.

    ويقول ضريف إنه من الصعب أن يلوح في الأفق القريب أو البعيد أي حل للقضية الفلسطينية في ظل التناقض الجوهري بين الدولة التي يريدها الفلسطينيون والدولة "المشوهة" التي تريدها إسرائيل للفلسطينيين.

    ويوضح ضريف أن "الانقسام الفلسطيني وإن كان سببا في انفراد إسرائيل بالمقدسات من أجل تهويدها، فهو نتاج إستراتيجية إسرائيلية عملت منذ خروج الاحتلال من قطاع غزة على بذرها بين الضفة والقطاع لإنهاء أي أمل في دولة طبيعية على الأراضي التي سلبها الإسرائيليون عام 1967".

    العراق.. قانون الانتخاب وعنف الغاب

    مازال العراق يعاني بعد ست سنوات من الاحتلال من تردي الأوضاع الأمنية برغم تحسن طفيف تقطعه تفجيرات كبيرة كل فترة، حيث شهد عام 2009 سلسة تفجيرات من أبرزها تفجيران ضربا وزارات المالية والعدل والخارجية وكانت كفيلة باشتعال أزمة سياسية مع الجارة سوريا التي وضعت في قفص الاتهام لإيوائها بعثيين تعتقد بغداد تورطهم في تلك الأحداث، ومع انزواء الأزمة التي لم تعجب البيت الأبيض في وقت يسعى فيه للتقارب مع دمشق، أطلت أزمة سياسية جديدة في بلاد الرافدين حول قانون الانتخابات وإن كان الأمر قد انتهى بإعلان حلها.

    ومن جهة أخرى، تبقى مدينة كركوك معضلة مزمنة ينقسم حولها الحكومة الفيدرالية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق، حيث تحرص الأخيرة على ضم محافظة كركوك الغنية بالنفط إلى الإقليم.

    ويتفق العتريسي وضريف على أن الأزمة السياسية في العراق ستشهد انفراجة خلال عام 2010.

    "العراقيون متشبعون بثقافة الدولة ولديهم حاليا الآليات الديمقراطية لحل مشاكلهم"، بحسب ضريف. ويضيف العتريسي القول: إن الأزمة ستشهد خفوتا مع بدايات التحضير للانسحاب الأمريكي المقرر في 2011. لكن المحللين يريان أن التكهن بالسيطرة الأمنية على البلاد صعب، وربما تزيد القوى الرافضة للعملية السياسية من هجماتها بعد الانسحاب الأمريكي.

    خفوت أزمة

    لبنان.. حب "مفاجئ" بعد عداوة!..

    بعد تعثر وتناحر سياسي، أجريت الانتخابات اللبنانية في يونيو 2009 سبقها توافق إقليمي بين سوريا والسعودية بتسهيل إجرائها وعدم التدخل فيها، ما أسفر عن تشكيل حكومة توافق وطني أخذت خمسة أشهر مخاضًا حتى خرجت إلى النور. ولم يعد لبنان بعد الانتخابات هو لبنان قبلها، فقد تغيرت الخارطة السياسية من منطلق التوافق السياسي وقراءة لواقع التفاهم الإقليمي بين دمشق والرياض، وتعدت اللقاءات بين زعماء الأكثرية والمعارضة ما أدى لتلطيف الأجواء لتهيئة الساحة اللبنانية لتكوين الخريطة الجديدة التي لم تعد فيها ذات الخطوط الحادة بين الجانبين، ويصف طلال عتريسي الحكومة اللبنانية الناشئة عن هذه الأجواء بأنها "حكومة المحبة الوطنية"، متعجبا من تبدل مواقف الجميع، لكن عتريس يرى أن الباعث الأول لهذه الأجواء هو التفاهم السوري السعودي.

    ويتوقع عتريسي أن تظل تلك الحالة فترة من الوقت قد تشمل عام 2010 كله إذا لم يقطعها عدوان إسرائيلي على البلاد أو حادث أمني يعيد لبنان إلى مربع التأزم.

    موريتانيا.. هدوء بعد زوبعة انقلاب

    بعد ضغط دولي وتهديد بعقوبات وعزلة، انصاع المجلس العسكري الحاكم في موريتانيا للضغوط وأجرى انتخابات رئاسية في يوليو فاز فيها قائد الانقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز، وعلى الرغم من كون الأمر بنظر كثير من المحللين يمثل انتكاسة لمسيرة ديمقراطية قتلت في مهدها بعد أقل من عامين على أول انتخابات مدنية في البلاد أتت بالرئيس المدني محمد ولد الشيخ عبد الله الذي أطيح به في أغسطس 2008، فإن الساحة السياسة شهدت هدوءا مشوبا بسجالات متفرقة.

    لكن يظل الهاجس الأمني هو الشغل الشاغل للموريتانيين بعد حادثة خطف سياح إسبان في صحراء البلاد مؤخرا، والتفكير في استقدام قوات أمريكية لمكافحة الإرهاب المتسلل إلى البلاد، بحسب خبراء.

    أزمات تحت الرماد

    الجزائر والمغرب.. توتر تحت كثبان الصحراء

    لم يغير عام 2009 شيئا في مسار الأزمة السياسية الكامنة بين المغرب والجزائر بسبب موقف الأخيرة من قضية الصحراء الغربية والمتسببة في غلق الحدود بين البلدين، وتؤيد الجزائر "حق شعب الصحراء" الغربية في تقرير مصيره واستقلاله بينما تعرض المغرب حكما ذاتيا تحت رايتها. ويرى المحلل المغربي محمد ضريف أن الأزمة تطورت في عام 2009 إلى حد ما، وأخذت منحى مباشرا عندما اتهم ملك المغرب محمد السادس الجزائر صراحة بعرقلة حل دبلوماسي لأزمة الصحراء.

    حلايب وشلاتين.. مثلث في خصر مصر والسودان

    قرار المفوضية القومية للانتخابات السودانية اعتماد "حلايب" كدائرة جغرافية انتخابية للتمثيل في المجلس الوطني والمجلس الولائي في أكتوبر الماضي -استجابة لاعتراضات تقدمت بها جبهات محلية في الشرق- أثار غضبا لدى القاهرة التي تعتبر المنطقة تتبع التراب المصري، واهتمت صحف مصرية بالأمر وأفردت مساحات واسعة للقاءات مع زعماء العشائر والقبائل الذين أكدوا "تبعية المنطقة للدولة المصرية".

    الحكومة السودانية من جانبها لم تعلق رسميا على القرار إلا أن وليد سيد مساعد رئيس مكتب حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالقاهرة اعتبر القرار "فنيا" وتم بناء على طعن من جبهة الشرق وأن العلاقات التي استعادت رونقها ومتانتها في الآونة الأخيرة لا يمكن أن تتعثر بفتح أو طي ملف حلايب، وعلى الرغم من وجود اتفاق بين البلدين على معالجة هذه القضية بعيدا عن الإعلام، فإن التطور الأخير يعطي إشارة إلى خلاف كامن مرشح للعودة إلى دائرة الضوء في أي لحظة، بحسب موقع "سودانيز أون لاين".

    أزمة مرشحة في 2010

    بالرغم من بؤر التوتر العديدة داخل السودان وعلى رأسها قضية دارفور، فإن وضع جنوب السودان هو المرشح الأقوى للدخول إلى عالم الأزمات الدولية، حيث تتصاعد في السودان حدة التوتر كلما اقترب موعد الاستفتاء المقرر في 2011 لتقرير مصير جنوب السودان.

    ويتوقع ضريف أن يختار الجنوب الانفصال، حيث تدل كل المعطيات والتصريحات من المسئولين الجنوبيين إضافة إلى تعزيز جيش محلي على رغبة أكيدة في تأسيس دولة جنوب السودان.

    ويقول ضريف: "سيكون عام 2010 هو عام أزمة جنوب السودان، حيث سيسبق الاستفتاء زخم سياسي وجدل قد يتطور إلى تفجر للعنف للحيلولة دون اتخاذ مثل تلك الخطوة".

    الأزمة العجيبة.. كرة تشرخ الجدار

    لا يمكن تصنيف الأزمة السياسية بين مصر والجزائر على خلفية أحداث شغب سبقت وأعقبت مباراتي كرة قدم من أجل التأهل إلى كأس العالم في نوفمبر الماضي، تحت أي تصنيف، حيث تعد تلك الأزمة سابقة ثانية في العلاقات الدولية بعد الحرب الحدودية التي اندلعت بين هندوراس والسلفادور عام 1969 بسبب مباراة كرة قدم.

    ويرى طلال عتريسي أنه في الوقت الذي قد تساهم فيه الرياضة في تخفيف التوتر السياسي بين الدول مثل "دبلوماسية تنس الطاولة" التي أعادت العلاقات بين الصين والولايات المتحدة قبل نحو 35 عاما، فإن مباراتي الكرة بين مصر والجزائر أدت بشكل مفاجئ وحاد إلى تدهور العلاقات المصرية الجزائرية المتينة واندلاع حرب إعلامية بينهما كان يمكن أن تتحول لحرب حقيقية لو كانت الحدود تجمع بين البلدين.

    ويرى ضريف أن تلك المشكلة تعبر عن الأزمة الذي يعيشها النظام العربي حيث "تبرز التوظيف السياسي للرياضة ولو على حساب مصالح الأمة العربية".

    ومن جانبه، يؤكد طلال عتريسي أن هذه الأزمة "شيء عجيب.. اندلعت بدون أي مبرر سوى رغبة من نظامي البلدين في تصدير الأزمات الداخلية إلى الخارج". ولا يتوقع عتريسي أن تستمر الأزمة فترة طويلة، "لأنه لا يوجد أساس أو معطيات حقيقية لها".

    ويرى المحللان أنه في المحصلة النهائية لتلك الأزمات فإن عام 2009 تفوق على سابقه في نوعية الأزمات الجديدة. ويقول عتريسي إنه "على الرغم من خفوت الأزمة اللبنانية التي تصدرت المشهد السياسي العربي في العامين الماضيين بالإضافة إلى الأزمة الموريتانية عقب انقلاب 2008، فإن اندلاع الأزمات في اليمن والصومال مع استمرار الأزمات التقليدية واختراع أزمة الكرة وتوقعات الانفصال في دولتين، حافظ على المسيرة العربية المتأزمة التي لم تعرف يوما توافقيا!".

    إسلام أون لاين

    « الكنيسة تكرم رؤوس الفتنةتهويد العقرب الأصفر »

    Tags وسوم :
  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق