• خطبة عيد الأضحى لعام 1430

     مدونة لقمان

    خطبة العيد لعام 1430
    خطبة عيد الأضحـى عام 1430هـ
    تألـُّق الإسلام وتوجيهات للنهضة

     
    الحمد لله ، والله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر
    الله اكبر الله أكبر الله أكبر
    الله أكبر الله أكبر
     
    الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصـيلا
     الله أكبر عدد قطر السماء ، وشعاع الضياء ، وملء الفضاء ،
    وكلَّما أصبح الصباح ، وأمسى المسـاء ، ونزل القضـاء .
     
    الحمد لله المبدئِ المعيد ، الولي الحميد ، ذي العرش المجيد ، الفعال لما يريد ،
     أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له شهادة التوحيـد ، وأشهد أنّ سيدنا محمداً عبده و رسوله المبعوث بالنهـج الرشيد ، ، صلى الله عليه و على آله ، و أصحابه ، ومن اتبع هديه السديد.
     
    الحمد لله الذي أعـزّ دين الإسلام ، ونشره بين الأنام ، وأظهر شعائره ، وأعلى منائرة.
     
    الحمد لله الذي أعـزَّ جنود الدّين ، ونصر نهج الموحّدين ، وردّ كيد المعتدين ، وأخزى جيوش الصهاينة ، والصليبيين .
     
    أيّها المسلمون ها هو عيد الأضحى المبارك ، يهلُّ علينا لثلاثين عاما بعد أربعمائة سنة ، بعد الألف من هجرة المصطفى صلى الله عليه ، وعلى آله وسلم تسليما كثيرا .
     
    يهلُّ علينا ، والأمّة الإسلاميّة متمسّكة بدينها ، معتـزّة بحضارتها ، مصرّة على المضيّ في رسالتها ، وقد انتشرت الصحوة بين المسلمين ، وعاد إلى الإسلام رونقُه ، وظهر أمرُه ، وذاع صيتُه ، وعلا ذكرُه ، وضربت أطنابُه في الأرض كلِّها ، فغـدا ذلك قرّةَ عين أتباعه ، وهاجسَ منافسيه ، وغيظَ أعدائه
     
    فالعدوُّ الصهيوني قـد أصبح في فلسطين في أسوء أحواله ، وأضعف قوته ، ورجاله ، ولم تزده حربُه على الجهاد إلاّ قوةً للجهاد حـتّى التدميـر ، وإصراراً على مواصلة الطريق إلى التحرير ، وكذلك العدوُّ الصليبيّ قـد صـار في أفغانستان خاسئاً حسيراً ، وغـدا في العراق خاسـراً حقيـراً ، وأما رايات الجهاد فهي باقيـةٌ خفّاقـة ، وهـي بالحقّ والعزيمـة الماضيـة بحمد لله لم تـزل قائمةً برّاقـة .
     
    فالله أكبـر ولله الحمـد .
     
    وقد إستعمل الله تعالى في إعلاء صرح الإسـلام ، من شاء من عباده من جميع الطوائف من أهل السنة والجماعـة ، الفرقة الناجية ، والطائفة المنصورة ، سيف الله المسلول على أعداء الدين ، ولسان الحق المبسوط بالهدى المبين :
     
     من المجاهدة ، باللسان ، والسنان ، ومن الدعاة ، والمتفقّهة ، والقادة ، والمفكِّرين ، والمناصرين ، والمؤيّدين ، والمنفقين في العمل الخيري ، رجالاً ، ونساءً ، شيباً ، وشبّاناً، عربـاً ، وعجمـاً ، والله يؤتي فضله من يشاء ، والله ذوالفضل العظيم.
     
    غير أنَّ هذه الصحوة المباركة بحاجة إلى تذكير بأمور مهمّة ، وإلى تنبيه على قضايا لابد أن تكون بها ملمـّة :
     
    فأولها : العناية بالتوحيـد الذي هو أصل أصول الإسلام ،وقطب رحاه ، ومبدؤُهُ ومنتهاه ، وغايتُه العظمى ، وهدفـُه الأسمى ، وهو الذي يُبني عليه كلُّ الدين ، ولايُبنى هو على غيره ، قال الحقُّ سبحانه :
     
    (وما أمِرُوا إلاّ ليَعْبُدوا إلهاً واحداً لا إله إلاّ هو سبحانَهُ عمّا يُشرِكون )
     
    وقال : (وَما أَرْسلنا مِنْ قَبْلِكِ مِنْ رَسولٍ إلاّ نوحي إليهِ أَنَهُ لا إلهَ إلاّ أَناْ فاعبُدُون)
     
     وقال : (ولا تَدْعُ مع اللهِ إلهاً آخرَلا إلهَ إلاّ هوَكلُّ شيءٍ هالِكٌ إلاّ وَجْهَهُ لَهُ الحكمُ وإليه تُرجَعون) .
     
    وفي الحديث الصحيح ( من مات وهو يعلم أنـَّه لا إله إلا الله دخل الجنة ) رواه مسلم
     
    وفي مسند الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: َّ (موسى عليه السلام ، قال: يا ربّ ، علمني شيئا أذكرك به ، وأدعوك به ، قال: يا موسى، قل: لا إله إلا الله  ،  قال: يا ربّ ، كلُّ عبادك يقولون هذا ، قال : قـل :  لا إله إلا الله ، فقال: لا إله إلا أنت ، إنما أريد شيئا تخصُّني به ، قال: يا موسى ، لو أنَّ السماوات السبع ،  وعامرُهنَّ غيري ، والأرضين  السبع في كفّة ، ولا إله إلا الله في كفـّة ،  مالت بهـنَّ لا إله إلا الله )
    ،
    وفي جامع الترمذي عن أنس رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قال الله تعالى يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لاتشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة )

      ومما ذكـره العلماء من فضائل التوحيـد :
     
    أنّه السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة ودفع عقوبتهما .
     
    ومنها أنّه يمنع الخلودَ في النار ، إذا كان في القلب منه أدنـى مثقالِ حبةِ خردل ، وأنه إذا كمُل في القلب يمنع دخول النار بالكلية.

     ومنها : أنّه يحصل لصاحبه الهدى الكامل ، والأمن التام في الدنيا والآخرة.
     
     ومنها : أنّه السبب الوحيد لنيل رضاالله وثوابه ، وأنَّ أسعد الناس بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ، من قال لا إله إلاالله خالصاً من قلبه.

    ومنها :  أنّ جميع الأعمال ، والأقوال الظاهرة، والباطنة متوقفة في قبولها ، وفي كمالها وفي ترتـُّب الثواب عليها على التوحيد ، فكلمَّا قوي التوحيد ،  والإخلاص لله ، كملت هذه الأمور ، وتمـّت.
     
    ومنها أنه يسهل على العبد فعل الخيرات ، وترك المنكرات ،  ويسلِّيه عن المصيبات ، فالمخلص لله في إيمانه ، وتوحيده تخفُّ عليه الطاعات ، لما يرجو من ثواب ربه ،  ورضوانه ، ويهون عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي ، لما يخشى من سخطه وعقابـه .
     
    ومنها : أنّ التوحيد إذا كمُل في القلب حبَّب الله لصاحبه الإيمان وزيّنه في قلبه ، وكرّه إليه الكفر ،  والفسوق ، والعصيان ، وجعله من الراشدين .
     
     ومنها : أنه يخفّف عن العبد المكاره ، ويهوّن عليه الآلام ، فبحسب تكميل العبد للتوحيد والإيمان ، يتلقـَّى المكاره والآلام بقلب منشرح ، ونفس مطمئنة ، وتسليم ورضا بأقدار الله المؤلمـة.
     
    ومنها أنه يحرر العبد من رقِّ المخلوقين ، والتعلق بهم ، وخوفهم ،  ورجائهم ، والعمل لأجلهم ، وهذا هو العزُّ الحقيقي ، والشرف العالي . ويكون مع ذلك متألها متعبّدا لله ، لا يرجو سواه ، ولا يخشى إلاّ إياه ، ولاينيب إلاّ إليه ، وبذلك يتمّ فلاحه ، ويتحقـَّق نجاحُه .
     
    ومنها :  أن التوحيد إذا تـمَّ ، وكمل في القلب ، وتحقـَّق تحقُّقا كاملا بالإخلاص التام ، فإنه يصير القليل من عمله كثيراً ، وتضاعف أعماله ، وأقواله بغير حصر ،  ولا حساب ، وتترجح كلمة الإخلاص في ميزان العبد ، بحيث لا تقابلها السماوات والأرض ، وعُمـَّارها .
     
    ومنها :  أنّ الله تكفل لأهله بالفتح ، والنصر في الدنيا ، والعـزّ ، والشرف ،  وحصول الهداية ،  والتيسير لليسرى ، وإصلاح الأحوال ، والتسديد في الأقوال ، والأفعال .
     
     ومنها : أن الله يدفع عن الموحدين من أهل الإيمان شرور الدنيا ، والآخرة ، ويمنُّ عليهم بالحياة الطيبة ،  والطمأنينة إليه ، والإطمئنان بذكره.
     
    هذا .. ولايستقيم التوحيد إلاَّ بالكفر بالطاغوت :
     
    ولهذا قال تعالى : ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا إنفصام لها ) ، وقال:  ( ولقد بعثنا في كلِّ أمِّـةٍ رسولاً إن اعبدوا الله ، واجتنبوا الطاغوت) .
     
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله : ( والطاغوت ما تجاوز بع العبد حـدَّه من معبودٍ ،  أو متبوعٍ ، أو مطاعٍ ، والطواغيت كثيرةٌ ورؤوسهم خمسة : إبليس لعنه الله ، ومن عُبـد وهو راض ،  ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه ، ومن ادَّعـى شيئا من علم الغيب ،  ومن حكم بغير ما أنزل الله ).
    ،
    فعلى المسلم أن يتبـرَّأ من كلِّ معبود سوى الله ، ومن كلِّ حاكم يحكم بغير ماأنزل الله تعالى ، ومن كلِّ متبوع يضع منهجا يخالف منهج الله ، أو يبتدع فكراً يناقض شريعة الله ، ويدخل في هذا القوانين الوضعية، والملل العلمانية ، والأفكار الليبرالية وغيرها من سبل الشيطان الغويـّة .
    ،
    فإذا قامت النهضة الإسلامية على هذا الأساس العظيـم ، وبُنيت على هذا الأصل المكيـن، فقد حقَّقـت هدفها ، وأصابت رسالتها .
    ،
    وثاني الأمور التي يجب أن تتذكرها النهضة الإسلامية هـو التمسُّك بسنّة نبيّها ، والعضّ بالنواجـذ على نهج السلف ، والأصول التي أجمع عليها أهل السنة والجماعة ، ففارقوا بها أهل الأهواء ، والضلالة ، من الخوارج ، والجهميـّة ، والمرجئة ، والقدرية ، والروافض الرديـَّة .
    ،
    ففي سنن أبي داود والترمذي قال صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيها مثل قبض على الجمر ، للعامل فيهم مثل أجر خمسين منكم ) ، وقال عنهم في بعض الروايات : ( هم الذين يُحيون سنتي ويعلمونها الناس )  
    ،
    ولهما أيضا من حديث العرباض بن سارية مرفوعا : ( عليكم بسنّتي ، وسنّة الخلفاء الراشدين المهدييّن من بعدي ، تمسَّكـوا بها ،  وعضـُّوا عليها بالنواجذ ، وإيّاكم ومحدثات الأمور ، فإنَّ كلّ محدثة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة ) .
    ،
    وأما ثالث الأمور فهو مواصلة الصبر على حمل الرسالة ، والعزيمة الماضية بلا كللٍ ، ولا إستقالة ، متسصحبين عشـرَ وصايا : تجنُّب المعاصي فإنها المهلكات ، والتمسُّك بالحسنـات من الطاعات ، والتركيز على الكليَّات المهمَّات ، وتقديم الأوليات ، وحفظ الميزان بفعـل أرجح الحسنات ، ودفع أشرّ المنكرات ، والتعاون على التقوى والصالحات ، والتعاذر في الخلافات ، وترك التحاسد والتزاحم على الجبهات ، وإلتزام التناصر عند الملمّات ، والرفق والحلم والتدرج بالناس حتى الوصول إلى الغايات.
    ،
    واعلموا أنَّ الله تعالى تكفـَّل بإظهار دين الإسلام ، ووعد بهزيمة كلِّ أعداءه ، كما قال الحقُّ سبحانه : (  هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون).
    ،
    وإنما الفضل كلَّ الفضل فيمن يستعمله الله في هذا المقام الشريف ، ومن يوفقه الله تعالى لاعتلاء هذا الصرح المنيف .
    ،
    فنسأل الله تعالى أن يستعملنا في نصر دينه ، وإعلاء كلمته ، وأن يجعلنا في خاصة جنوده المؤمنين ، وحزبه المتقيـن آمين
    ،
    الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد
    ،
    أيها المسلمون : اعلموا أن هدف الأهداف ، وغاية الغايات ، هو إرضاء الله تعالى بتحقيق العبودية له سبحانه ، غير أنّ هذا لايتحقق إلاّ بأن يهاجر العبد إلى ربه بقلبه ، وأعماله ، وحينئذ سوف تتعرض له قواطع الطريق ، وهي :
    ،
    كما ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله ثلاثة : العوائد ، والعوائق  ، والعلائق .
    ،
    أما العوائد فهي ( السكون إلى الدَّعـة ، والرّاحة ، وما ألفه الناس ،  واعتادوه من الرسوم ، والأوضاع التي جعلوها بمنزلة الشرع المتبَّع ، بل هي عندهم أعظم من الشرع ، فإنهم ينكرون على من خرج عنها ، وخالفها ،  ما لا ينكرون على من خالف صريح الشرع ، وربما كفـُّروه ،  أو بدعـُّوه ، وضللـُّوه ، أو هجـُّروه ، وعاقبوه ، لمخالفة تلك الرسوم ، وأماتوا لها السنن ، ونصبوها أنداداً للرسول يوالون عليها ،  ويعادون ، فالمعروف عندهم ما وافقها ، والمنكر ما خالفها .

    وهذه الأوضاع والرسوم قد استولت على طوائف بني آدم من الملوك ،  والولاة،  والفقهاء ، والصوفية ، والفقراء ، والمطوعين ، والعامة ، فربىَ فيها الصغير ، ونشأ عليها الكبير ،  واتُّخـذِتْ سُنناً ، بل هي أعظم عند أصحابها من السنن ،  الواقف معها محبوس ، والمتقيّد بها منقطع ، عَـمَّ بها المصاب ، وهجر لأجلها السنة والكتاب ،  من استنصر بها فهو عند الله مخذول ، ومن اقتدى بها دون كتاب الله وسنة رسوله فهو عند الله غير مقبول ، وهذه أعظم الحجب والموانع بين العبد ، وبين النفوذ إلى الله ورسوله.
    ،
    وأما العوائق فهي أنواع المخالفات ظاهرها ، وباطنها ، فإنهَّـا تعوق القلب عن سيره إلى الله ، وتقطع عليه طريقة ، وهي ثلاثة أمور : شركٌ ، وبدعةٌ ، ومعصيةٌ ، فيزول عائق الشرك بتجريد التوحيد ، وعائق البدعة بتحقيق السنة ، وعائق المعصية بتصحيح التوبة ،  وهذه العوائق لا تتبيـَّن للعبد حتى يأخذ في أهبة السفر ويتحقق بالسير إلى الله ، والدار الآخرة ، فحينئذ تظهر له هذه العوائق ، ويحسُّ بتعويقها له بحسب قوة سيره ، وتجرده للسفر ، وإلاّ فما دام قاعداً لا تظهر له كوامنُها ، وقواطعها.
    ،
    وأما العلائق فهي كلّ ما تعلق به القلب دون الله ورسوله من ملاذ الدنيا ، وشهواتها ، ورياستها ، وصحبة الناس ، والتعلق بهم ،
    ولا سبيل له إلى قطع هذه الأمور الثلاثة ، ورفضها إلاّ بقوة التعلّـق بالمطلب الأعلى ، وإلاَّ فقطعها عليه بدون تعلقه بمطلوبه ممتنع ، فإنَّ النفس لا تترك مألوفها ، ومحبوبها ،  إلاَّ لمحبوب هو أحبُّ إليها منه ،  وآثر عندها منه ، وكلَّما قوي تعلقه بمطلوبه ، ضعف تعلقه بغيره ،  وكذا بالعكس ، والتعلق بالمطلوب هو شدّة الرغبة فيه ، وذلك على قدر معرفته به ، وشرفه ، وفضله على ما سواه )
    ،
    فإن قام العبد بمقاومة هذه الثلاث ، تصادمت جيوش الدنيا والآخرة في قلبه ، قال الإمام ابن القيم رحمه الله : ( فإذا تصادمت جيوش الدنيا والآخرة في قلبك ، وأردت أن تعلم من أيّ الفريقين أنت  ،فانظر مع من تميل منهما ، ومع من تقاتل ،  إذ لا يمكنك الوقوف بين الجيشين ، فأنت مع أحدهما لا محالة ، فالفريق الأول استغشُّوا الهوى فخالفوه ، واستنصحوا العقل فشاوروه ، وفرغوا قلوبهم للفكر فيما خلقوا له ،  وجوارحهم للعمل بما أمروا به ، وأوقاتهم لعمارتها بما يعمر منازلهم في الآخرة ، واستظهروا على سرعة الأجل بالمبادرة إلى الأعمال ، وسكنوا الدنيا ، وقلوبهم مسافرة عنها ، واستوطنوا الآخرة قبل انتقالهم إليها ، واهتموا بالله ، وطاعته ، على قدر حاجتهم إليه ، وتزوّدوا للآخرة على قدر مقامهم فيها ،  فعجّل لهم سبحانه من نعيم الجنة ، وروحها أن آنسهم بنفسه ، وأقبل بقلوبهم إليه ،  وجمعها على محبته ، وشوقهم إلى لقائه ، ونعمهم بقربه ، وفرغ قلوبهم مما ملأ قلوب غيرهم من محبة الدنيا ،  والهمّ والحزن على فوتها ،  والغم من خوف ذهابها ، فاستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدانهم والملأ الأعلى بأرواحهم).
     
    فيالها من وصايا نافعة من إمام عارف رحمه الله تعالى
     
    الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر
    الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيـلا
     
    أيها المسلمون : قـد شرع الله تعالى ذبح الأضاحي هذه الأيام المباركة ، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ( من وجد سعة فلم يضحّ فلا يقربنَّ مصلاّنا ) .
     
    و إنّ الشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته في الأضحية ، وتجزئ البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة ، ولا يجزئ من الضأن إلاّ ما تم له ستة أشهر، ولا من المعز إلاّ الثنيّ وهو ما تم له سنة ، ولا من الإبل إلاّ ما تم له خمس سنين ، ولا من البقر إلاّ ما تم له سنتان ، ويستحب أن يتخيّرها سمينة صحيحة، ولا تجزئ المريضة البيّن مرضها، ولا العوراء ، ولا العجفاء ، وهي الهزيلة ، ولا العرجاء البيّن ضلعها ، ولا العضباء التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها ، وتجزئ الجمّاء ، والخصي 
     
    والسنة نحر الإبل قائمة معقولة اليد اليسرى ، والبقر والغنم على جنبها الأيسر متوجهة إلى القبلة ويقول عند الذبح : (بسم الله) وجوباً، ويستحب أن يزيد( الله أكبر)  ، اللهم هذا منك ولك ، ويُستحب أن يأكل ثلثاً ، ويهدي ثلثاً ، ويتصدق بثلث ، لقوله تعالى: (فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَـٰنِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ) ولا يعطي الجزار أجرته منها.
     
    ووقت الذبح بعد صلاة العيد باتفاق ، ويومان بعده ، واختلف العلماء في اليوم بعدهما .
     واعلموا أيها المسلمون أن التكبير المقيد لغير الحاج يبدأ من  يوم عرفة إلى آخر عصر أيام التشريق، وأما الحاج فيبدأ من ظهر يوم النحر، وأما التكبير المطلق فيكون في عشر ذي الحجة.
     
    أيها المسلمون، اعلموا أنه ليس السعيد ، من تجمَّـل للعيـد بلبس الجديـد ، ولا من تباهى بالمال المديـد ، ولا من خدمـته الخـدم والعبيـد ، لكن السعيد من فاز بالجنـة والمزيـد ، ونجى من عذاب النار الشديد ،
     
    فالتزموا التقوى في السر والعلن ، فهي وصية الله للأولين والآخرين ، وهي اسم جامع لفعل الواجبات ، وإجتناب السيئات ، بإخلاص النيات .
     
    هذا وأكثروا من الصلاة على الحبيب المصطفى ، والشفيع المجتبى ، محمّد صلى الله عليه وسلم ، فقد أمركم الله بذلك فقال سبحانه : " إن وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين صلوا عليه وسلموا تسليما " ، اللهم صل ، وسلم ،وزد ، وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد ، وعلى آل بيته ، وعلى الصحابة أجمعين ، وخصّ منهم الخلفاء الأربعة الراشدين ، أبا بكر وعمر وعثمان وعليّ ، والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . 
     
     اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين ، وأذلَّ الشرك والمشركين ، ودمّر أعداء الدين ، لاسيما الصهاينـة والصليبيين ، واجعل بلاد المسلمين تعود إلى خلافتـها ويحكمها نظام الإيمان بشريعة الرحمن.
      
    اللهم من أراد أمتنا بسوء ، فاجعل تدبيره ينقلـب عليه ، وكيده يرتد إليه ، اللهمّ من أراد أمتنا بشـرِّ ،  فرده على أعقابه خاسرا ، ودمّـره حتى يرجـع خائبا خائـرا.
     
    اللهم طهـِّر بلاد الإسلام من رجس اليهود المعتدين ، والصليبيين المستكبرين ، لاسيما الأقصى وفلسطين ، اللهم انصر المجاهدين فيها ، وفي العراق ، وافغانستان ، والصومال ، والفلبين ، والشيشان ، وكشميـر , وكلِّ بلاد المسلمين .
     
    اللهمّ فـرّج عن أهل غـزّة حصارهم ، وارفع عنهم بلاءهم ، وأمدهـم بمددٍ من عندك ، تربط به على قلوبهـم ، وتثبّت أقدامهم ، اللهمّ وانصرهم على عدوّك وعدوّهم ، واجعل على الصهاينة وإخوانهم الصليبين المجاعـه ، والزلازل ، والكوارث ، تباعا تباعـا.
      
    اللهم اجعلنا هداة مهتدين ، صالحين ببررة ، غير ضالين ولا مضلين ، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين ، واحفظنا بالإسلام قاعدين ، واحفظنا بالإسلام راقدين ، ولا تشمت بنا الأعداء ،  ولا الحاسدين يارب العالمين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، آمين ، آمين ، آمين  ،

    « أسرار الحجالخليج يدفع ثمن أخطاءه »

    Tags وسوم :
  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق