• الرتق و الفتق

    إنها قضية من أعقد القضايا. شغلت ولاتزال تشغل عقول البشر. شغلت العلماء والفلاسفة علىمر التاريخ. إنها قضية أصل الكون؛ بأرضه وسماواته, وما بينهما. والقضية ربما لا تحتل جزءاًَ كبيرا من تفكير المؤمنين بالله؛ لأنهم يقينا يؤمنون أن وراء الكون إلهاً جاءت منه بداية كل شيء, وإليه تنتهي نهاية كل شيء. ولكن القضية تشغل الذين كفروا شغلاًكبيراًلسببين: السبب الأول أنهم مرتابون في وجود الله, ولكن وجود الله أكبر من أن ينكر لأنه الفطرة التيلا يستطيعون أن يطمسوها, فيحاولون كمن قتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر, ثم عبس وبسر. لعلهم يقنعون أنفسهم المريضة أنهلا توجد بداية للكون, ولا توجد له نهاية. ومن ثم يركنون إلي هواهم المريض, الذي يزين لهم أن الإله غير موجود(مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (الكهف: .5)
    أما السبب الثاني أنهم يبحثون عن الحقيقة لعلهم يؤمنون. ومن ثم يجب أن نتدبر فاصلة "نهاية الآية التي هي مناط حديثي" الآية 30 من سورة الأنبياء وفيها يقول الحق تبارك وتعالي: ((أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)).  وفي الآية السابقة استفهام إن وخبر.

      الاستفهام الأول:أو لم ير الكفار فتق الرتق؟.

     والثاني :أما آن لهم بعد أن رأوا فتق الرتق أن يؤمنوا؟ أما الخبر فهو أن الماء حياة كل شيء حي وأساس كل شيء حي.
    والعجيب من أمر الجهلاء المتعالمين. أنهم يقرون البحث في الخبر وينكرون البحث في الاستفهام متعللين بأنهم يحفظون للقرآن جلاله وقدسيته. لأنه كتاب هداية لا كتاب علم. وهم دون أن يعلموا خاصة في القضية التي نحن بصددها يهدمون العقيدة. لأن محاولة إثبات أن الذين كفروا رأوا فتق الرتق هو
    فى حد ذاته شهادة على صدق القرآن.

     لأنهم إن لم يروا فتق الرتق فقد انتفت قضية صدق القرآن. إن رؤيتهم لفتق  الرتقبينما هم لم يكونوا غير موجودين  وقت حدوثه لدليل آكد على أن الإخبار حتما من عند الله. والعجيب أن هؤلاء المعارضين لقضية الإعجاز العلمي القرآني يثبتون قضية صدق القرآن بأن أبا لهب وامرأته قد ماتا على الكفر,وهذه حقيقة. لأنهم الو ماتا مسلمين كأن ينطقا بالشهادة  لا نتفت قضية صدق القرآن في قوله تعالي: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)  (المسد:1).

    ونحن نثبت الوحدانية لله,حينما نوضح أن الذين كفروا قد رأوا أن السماوات والأرض كانتا رتقا قد فتق. لأنهم لو لم يكونوا قد رأوا ذلك,لا نتفت قضية صدق القرآن, وحاشا لله أن يحدث ذلك. وحينما نثبت أن ما رأوه, قد أخبر رب العزة به قبل أن يروه بألف وأربعمائة عام تقريباتكون هذه شهادة علي صدق الوحي والرسالة. ومن العجيب أن الحدث ذلك؛ أقصد كون السماء والأرض كانتا جمعا ففتقهما الله, قد وقع قبل أن تكون هناك السماوات والأرضون  منذ ما يزيد علي 13 ألف مليون سنة.

     لقمان إعجاز

     الشكل التالي يبين ولادة الكون بالرتق ثم توسع السماء

    وربما كانت تلك الوقفة مناسبة, ونحن نتحدث عن مولد الزمان الكوني, أن نهدي تلك الكلمات الرائعة لإخواننا من المسلمين الذين يقفون معارضين  قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكلمات. والكلمات هي للدكتور عبد المحسن صالح قد وردت في مقدمة كتابه"ومن كل شيء خلقنا زوجين" فقد اقشعر جلدي خشية من الله حينما قرأته. يقول في مقدمته: "إن رجل العلم الحقيقي يعيش دائما مع القوانين الكونية. والنواميس الطبيعية. ومن خلال تعامله معها بالبحث والتمحيص والتجريب. يكتشف أن كل شيء قد نظم تنظيما بديعا. وخلق خلقا. فسري كل أمر بموازين عظيمة لا يعتريها خلل. ولا تداخلها فوضي. بل إن النظام هو القانون الأول من قوانين الكون والحياة.. بداية من الذرة, إلى الجزيء, إلى الخلية, إلى الكائن الحي, والسماوات بما تحوي من أقمار وكواكب وشموس ومجرات". ويضيف قائلا: "ذلك أن العلم متطور. والقرآن مناسب تماماً لهذا التطور. بشرط أن يكون قارؤه متطوراً غير جامد. ولا متعصب لرأي لا يستقيم مع عقل راجح أو فكر صائب".
    ويكفينا الإقرار غير المباشر علي وجود الله, علي لسان عالم بحث دون أن يدري في فتق الرتق وهو يناقش قضية ال
    إنفجار الأعظم.

    « المعذبون في الأرضالحياة في الكواكب البعيدة »

  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق