• أمريكا تدير ظهرها للصحوات

    أمريكا تدير ظهرها للصحوات

    جلس الرجل الذي حارب «القاعدة» في العراق في غرفة الانتظار في مكتب الهجرة يرقب الآخرين وهم يمرون من أمامه، وبعد بضع ساعات صاح الموظف باسمه: سعد عريبي غفوري.
    الانتظار هو ألم الرجل الذي كان قائدا سابقا لـ600 مقاتل في بغداد ولجأ إليه القادة الأميركيون والعراقيون طلبا للمساعدة، وبات يعيش الآن في منزل يصعب وصفه...تابع

    غفوري لجأ منذ أكثر من عام إلى الأردن وفوجئ أخيرا برفض واشنطن قبوله لاجئا

    عمان: نيد باركر *
    جلس الرجل الذي حارب «القاعدة» في العراق في غرفة الانتظار في مكتب الهجرة يرقب الآخرين وهم يمرون من أمامه، وبعد بضع ساعات صاح الموظف باسمه: سعد عريبي غفوري.
    الانتظار هو ألم الرجل الذي كان قائدا سابقا لـ600 مقاتل في بغداد ولجأ إليه القادة الأميركيون والعراقيون طلبا للمساعدة، وبات يعيش الآن في منزل يصعب وصفه في العاصمة الأردنية عمان مع زوجته وولديه حيث ينتظرون منذ أكثر من عام الحصول على السفر إلى الولايات المتحدة. التحق الرجل بصفوف دراسية تنظمها المنظمة الدولية للهجرة للحصول على معلومات عن أسعار تأجير الشقق في الولايات المتحدة وكيفية التقدم للحصول على كوبونات الطعام، كما كان مستعدا للقيام بكل ما يرغبه الأميركيون، فلو طلب منه الأميركيون تدريب القوات الأميركية المتوجهة إلى العراق لفعل ولو كانوا طلبوا منه القتال في أفغانستان لفعل أيضا. ويقول غفوري إنه يحن إلى أيام السلاح إذ لم يذهب إلى ميدان الرماية منذ أكثر من عام. واعترف الرجل، الذي يبلغ من العمر 36 عاما، القائد السابق للميليشيات شبه العسكرية التي كانت ذات يوم تجوب شوارع بغداد بأنه عندما يسمع الألعاب النارية فإن قلبه يخفق بشدة، كما أن وزنه ازداد بعد عام من مكوثه في المنزل.

    جلس غفوري في المكتب في ذلك اليوم في يوليو (تموز) الماضي ليستمع إلى المسؤول عن قضيته الذي كان فظا معه، وأبلغه برفض طلبه وأنه ما من فرصة في إمكانية استئناف القضية. وجاء في خطاب إدارة خدمات الهجرة والمواطنة الأميركية: «لقد تم رفض طلبكم للجوء إلى الولايات المتحدة كنوع من الاحتياطات الأمنية».
    وما كان من غفوري إلا أن نظر إلى العراقيين الآخرين من حوله، وعبّر عن ضيقه، فقد تَعرّفوه من خلال كنيته «أبو عابد»، فهو الرجل الذي أشعل ثورة العرب السنة ضد مقاتلي «القاعدة» في العراق. وقال غفوري عن يوم تبليغه برفض طلبه: «لقد تحطمت ذلك اليوم، فقد رأيت نفسي الخاسر الأكبر في العالم». وكانت الولايات المتحدة قد أزالت العام الماضي الحواجز التي شكلت صعوبة أمام الموظفين العراقيين الذين يشكل وجودهم في العراق خطرا على حياتهم للجوء إلى الولايات المتحدة كما أزالت بعض العقبات المشابهة بالنسبة إلى العراقيين العاملين في الشركات الأجنبية وهو ما رفع عدد العراقيين المقبولين في الولايات المتحدة عبر برنامج مساعدة اللاجئين التابع لوزارة الخارجية من 1.600 إلى ما يقرب من 14.000 في عام 2008 ويتوقع أن يصل إلى 18.000 هذا العام.
    لكن قضية غفوري تمثل تحديا سياسيا بالنسبة إلى حكومة الولايات المتحدة، إذ كيف يمكن للحكومة التعامل مع ما يقرب من 100 ألف مقاتل ينتمون إلى تنظيم أبناء العراق والعديد منهم متمردون سابقون، يشبهون إلى حد ما المترجمين والموظفين المدنيين الذين يهدف برنامج مساعدة اللاجئين إلى مساعدتهم؟ والسؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: هل تتحمل الولايات المتحدة أي أعباء تجاه أمثال غفوري الذين موّلتهم الولايات المتحدة من قبل وحاربوا ضد عدوها «القاعدة»؟
    وحتى الآن، فإن قبول هذا الرجل الذي قد يكون حارب الجيش الأميركي من قبل، واعترف بقتل أعدائه، أصبح يتعذر الدفاع عنه في أميركا ما بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) حيث تسيطر على سياسات الهجرة الهواجس من احتمال حدوث هجمة جديدة على الأراضي الأميركية.
    وقال كيرك جونسون محامي الموظفين المدنيين العراقيين العاملين مع الجيش الأميركي ووزارة الخارجية: «إن أبو عابد لم يدرك كيف تسير السياسة الأميركية الخارجية، فنحن نرغب في الذهاب لنقاتل الأشرار ونعود منتصرين وهذا هو ما يفهمه الجميع، لكن ما لا يدركونه هو أن في هذه العملية يوجد جميع أنواع تغيير التحالفات والخداع والأساليب القذرة».
    وفي ردها على سؤال حول المعضلة التي يشكلها مقاتلون مثل غفوري قالت وزارة الأمن الداخلي التي تفحص أوضاع طالبي اللجوء إنها لن تعلق على قضايا محددة، وأحالت الأمر إلى وزارة الخارجية. وأشارت وزارة الخارجية إلى أنها لم تقم بصياغة سياسة خاصة بقادة الميليشيات الذين حال تاريخهم في التمرد العراقي دون انتقالهم إلى الولايات المتحدة حيث يرفض القانون منح طلب اللجوء لأي فرد قتل آخرين. وقال مسؤول وزارة الخارجية الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «لا توجد سياسة محددة تجاه تنظيم أبناء العراق أو الميليشيات الداعمة للولايات المتحدة»، وأشار إلى أن عملية اللجوء المنتظمة تعد الطريق الرئيسي بالنسبة إلى المقاتلين لدخول الولايات المتحدة على الرغم من شبه اليقين بأن غالبية طلباتهم ستُرفض «نظرا إلى ماضيهم المثير للجدل». ولا تتوفر لدى غفوري، الذي وجد نفسه مستهدفا من قِبل المجموعات المسلحة السنية والشيعية على حد سواء إلى جانب عناصر الحكومة العراقية، الكثير من الخيارات سوى العيش في ظل الخطر في العراق أو النفي المحفوف بالمخاطر في دول الجوار.
    ويأمل غفوري في أن تتراجع الحكومة الأميركية عن قرارها عبر دعم من أصدقائه في الجيش الأميركي. لكن أصدقاءه الأميركيين يُبدون قلقهم إزاء مستقبله، فهم يقدرون إسهاماته في إنجاح زيادة عدد القوات الأميركية عام 2007. وقال أحد كبار الضباط الأميركيين البارزين الذي لا يزال متمركزا في العراق والذي طلب عدم ذكر اسمه: «أبو عابد أصبح الآن رجلا بلا وطن، فرغم جهوده في إنقاذ حياة العراقيين فإنه يعيش الآن في الأردن منعزلا. والمفارقة في ذلك أن عمله كان بقدر أهمية المترجمين والمتعاقدين بل وربما أكثر أهمية ومواجهة للمخاطر منهم، لكنه في النهاية لا ينال سوى الرفض». 
    خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»

     

    « الأقباط ..دولة داخل دولةعرس غزة: 10 آلاف حافظ للقرآن »

    Tags وسوم : ,
  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق