• مصر و عدم الأنحياز

    مصر و عدم الأنحياز

    إذا كنتم يا زعماء عدم الانحياز صادقين في تأكيدكم على حقوق هذا الشعب المعذب لأكثر من ستين عاما فلماذا لا ترفعون الحصار عنه وتفرضون على زعيمتكم للأعوام القادمة مصر فتح المعابر الى ومن غزة أمام الشعب الفلسطيني؟ كما تفعل دولكم مع جيرانكم؟... تابع المزيد

    شهد النصف الثاني من القرن العشرين ميلاد حركة عدم الانحياز، فاقتحم القادة التاريخيون أمثال عبد الناصر ونهرو وتيتو وغيرهم من عمالقة ذلك العصر، المسرح السياسي الدولي من أوسع أبوابه، كانت غايتهم المشاركة في اللعبة السياسية الدولية من خلال دور توفيقي بين القوتين الأعظم في حينه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، كل ذلك من اجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتفعيل دور الأمم المتحدة للمحافظة على الأمن الجماعي الدولي، وتحقيق العدل والمساواة في مفهوم السيادة.
    لقد استطاع قادة ذلك العصر أن يحققوا ما عملوا من اجله على الرغم مما كان بينهم من اختلاف في التركيب الاجتماعي والمفاهيم السياسية، الأمر الذي أدهش قادة القوتين الأعظم، وراح كل من القطبين يتقرب تارة من قادة هذه الحركة الصاعدة سلما عبر وسائل متعددة وتارة أخرى يتباعدون.
    لقد وضع عمالقة عدم الانحياز في مطلع الستينيات من القرن الماضي مبادئ حركتهم وهي: السيادة والسلامة الإقليمية، وعدم الاعتداء وعدم التدخل، والمساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمي. فأيننا من هذه المبادئ اليوم؟
    مفهوم السيادة، ألم يختل توازن هذا المفهوم ويندثر؟ هل نستطيع أن نقول ان جمهورية مصر ــ مع كل تقديري واحترام لشعب مصر العظيم ـــ تتمتع بالسيادة كما كان عصر الجمهورية الأولى والثانية في مصر؟ أم أنها رهينة لمعونات تكاد لا تروي ظمأ العطشان في مصر؟ أوليست جمهورية مصر منحازة لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية فيما حصل ويحصل في العراق منذ عام 1990؟ أوليست منحازة للسياسة الاسرائيلية فيما يتعلق بفلسطين والفلسطينيين؟ ألا نستطيع القول إن حصار الإدارة المصرية لقطاع غزة (مليون وسبعمائة إنسان) إلى حد الموت الجماعي رغبة إسرائيلية أمريكية؟ إذا لم يكن ذلك كله انحيازا فما هو الانحياز؟ وماذا عن سلامة إقليم وادي النيل؟ أليست تلك السلامة مضطربة؟ إذن نستطيع القول بامتياز بان هذا المبدأ قد سقط في حال مصر، فكيف من فقد السيادة والسلامة الإقليمية أن يترأس تجمع حركة عدم الانحياز. اقول: لن يستطيع أي عاقل أن ينكر بان الإدارة السياسية المصرية رامية بكل ثقلها في الشؤون الداخلية للشعب الفلسطيني، ولا أدل على ذلك من فرض بقاء محمود عباس على رأس هرم السلطة الفلسطينية على الرغم من انتهاء ولايته الدستورية، والإمعان في تشديد الحصار الظالم على أهلنا في غزة.
    ونأتي على مبدأ المنافع المتبادلة والتعايش السلمي، أين الإدارة السياسية المصرية بقيادة مبارك من تفعيل هذا المبدأ؟ أليست لشعب مصر منافع متبادلة مع أخوانهم شعب فلسطين وخاصة في قطاع غزة، وهل هناك تعايش سلمي بين الشعبين في ظل الحصار المميت على قطاع غزة، هل المنافع المتبادلة مع الكيان الصهيوني أجدى وأعظم منها مع فلسطين وسورية وقطر والسودان والصومال، نترك الإجابة لشعب مصر العظيمة.
    لقد جاء في إعلان شرم الشيخ والبيان الختامي لمؤتمر قمة عدم الانحياز، التأكيد على محاربة الإرهاب، أليس حصار غزة عملا من أعمال إرهاب الدولة والعدوان؟ أليس اقتحام الجيش الإسرائيلي وقطعان المستوطنات المدن والقرى الفلسطينية واختطاف مدنيين من منازلهم وحرق مزارعهم عند الحصاد عملا إرهابيا؟ إذن، لماذا لا نعلن الحرب على مثل هذا النوع من الإرهاب كما جاء في البيان الختامي للحركة بدلا من مطاردة كل المعارضين للاستبداد والتبعية للمشروع الأمريكي بتهمة الإرهاب. يطالب المؤتمرون في شرم الشيخ بنظام اقتصادي عالمي جديد، أليست منظمة التجارة العالمية هي ذلك النظام القاهر للدول النامية والغالبية العظمى من هذه الدول منضمة إليها، الأمر الذي يجعلها ضمن دائرة النفوذ الاقتصادي الغربي والأمريكي، واذكر العرب عندما قرروا مقاطعة الدنمارك اقتصاديا لنشرها صورا مسيئة للنبي محمد عليه السلام، كانت المجموعة الاوروبية هددت بفرض حصار على العرب انهم نفذوا تهديدهم وذلك طبقا لقوانين منظمة التجارة الدولية، وجاء في البيان آنف الذكر التأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني . إذا كنتم يا زعماء عدم الانحياز صادقين في تأكيدكم على حقوق هذا الشعب المعذب لأكثر من ستين عاما فلماذا لا ترفعون الحصار عنه وتفرضون على زعيمتكم للأعوام القادمة مصر فتح المعابر الى ومن غزة أمام الشعب الفلسطيني؟ كما تفعل دولكم مع جيرانكم؟
    محمد صالح المسفر
    « هكذا احتفلوا بذكرى استشهاد عرفاتإحذر النقانق »

    Tags وسوم :
  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق