• شيخنا القرني... لا مرحبا بأوباما

    شيخنا القرني... لا مرحبا بأوباما

    رسالة من الداعية خباب الحمد إلى الشيخ عائض القرني حفظهما الله

    أربأ بك والله يا شيخ عائض أن تكون (طيباً) إلى هذه الدرجة، وأنت تشاهد ما يعانيه المسلمون على أيدي القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان وبتأييد أوباما نفسه لليهود في حق إقامة الدولة اليهوديَّة، ثمَّ تقوم بشكر أوباما ... ثمَّ أظنك لا تنسى أن أوباما قد جاء إلى القدس متخشِّعاً أمام حائط المبكى اليهودي وقد لبس القبَّعة اليهوديَّة وبدأ يمارس الطقوس اليهوديَّة كما يحلو ليهود.

    لفت نظري وبشدَّة المقال الذي كتبه الشيخ عائض القرني - وفَّقه الله ورعاه - في جريدة الشرق الأوسط بعنوان: (أهلا وسهلا ... بباراك أوباما) مهنِّئاً إيَّاه على خطابه الذي ألقاه في أرض الكنانة (مصر)، وترحيبه الشديد بما قاله، والذي لا أعلم أحداً رحَّب به كما الشيخ عائض القرني حيث قال: (بل نقول لباراك أوباما: وش ها لساعة المباركة يا أبو حسين؟ مرحباً ألف!!).

    قررت أن أكتب مقالاً أعارض به فضيلة الشيخ عائض بما احتواه مقاله ذاك من أخطاء وخطايا لعله لم ينتبه لها وأتمنى أن يكون حدسي في ذلك صحيحاً... وما كتبته لمحبتي في الرد أو التعقيب فإني لمثلها كاره غير محب، ولكني رأيت أنَّ الصاع قد طف والسيل قد بلغ الزبى ، ووجدت في كلام الشيخ منكراً من القول، فلم أسمح لنفسي الصمت على ذلك، وليعذرني الشيخ (عائض) إن قسوت، فو الله ما قصدت به إلا الخير... وقد تكون شدتي مستوحاة من قول الله تعالى وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً)...

    فإن كان في المقال شدَّة مع حق فأرجو أن تقبل، وإن كانت الشدَّة مزعجة فإني أبرأ إلى الله من هوى نفسي فيها وأرجو من قرأ شيئاً من ذلك أن يهتمَّ بالمضمون لا الشدَّة !!

    بحق أقول: لقد قلَّبت خطاب أوباما عدَّة مرات وقد تسمَّرت على شاشة التلفاز أنظر فيه وإليه وهو يتحدث فوجدت نفسي قد اتفقت مع عزمي بشارة في حديثه عن دبلوماسيَّة أوباما ومراوغته في الخطاب الذي يحاول فيه أن يسترضي الجميع، ولكنَّه يضمر شيئاً آخر غير الذي قال!

    قال تعالى: (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور) فهل أعطى الله عزَّ وجل الشيخ (عائض) نوراً وضياء لكي يرى في خطاب أوباما شيئاً جديداً، حرمني الله منه بسبب ذنوبي وأخطائي... فأعدت النظر مرَّة أخرى في خطاب أوباما ولكن لا جديد.. حالة مغرقة من الدبلوماسيَّة والكلام الذي يحمل عدَّة وجوه ، مع تناقض في بعض مفرداته... حيث صاغ الخطاب له أكثر من أربعين شخصيَّة كان منهم هينري كيسينجر والمعروف بصهيونيَّته!!

    فليتني أدرك ما الذي أعجب الشيخ عائض في خطاب أوباما لكي أقول معه على الأقل (عشر مراحب بك يا أبو حسين) وليس كما قال الشيخ مرحبا ألف)، أو أن أقول له يا أبو حسين والنعم فيك وسبعة أنعام على خطابك الجريء) لكنَّني لم أجد شيئاً من ذلك !

    الذي أعرفه وأعهده عنك يا شيخ عائض أنَّك صاحب سنة وصاحب حديث، وكثيراً ما كنت تنشد محباً للسنَّة وأهلها :

    سقوني وقالوا لا تغنِّ، ولو سقوا *** جبال سليمى ما سُقٍيت لغنَّتِ

    فهل بتَّ الآن مغرماً بالسياسة والحديث في السياسة، والتعليق على أي حدث سياسي، وأنت الذي كنت تقول: قاتل الله مادة ساس يسوس سوساً فهو سائس!

    أنا لا أختلف مع ما تقوله في مقاماتك (مقامات القرني) بأنَّ السياسة المعاصرة آفة خطيرة، بل إنَّني أتفق مع جماعة التبليغ حيث قالوا إنَّ السياسة تياسة، كما أتفق مع قول الشيخ الألباني إنَّ من السياسة ترك السياسة!

    نعم! السياسة التي لا تبنى على تقوى من الله ورضوان، فلا أهلاً ولا سهلاً بها ولا بأهلها ولا أصحابها، وقاتل الله مادة ساس يسوس سوساً.

    بيد أني مع السياسة الإسلاميَّة الشرعيَّة قلباً وقالباً قديماً وحديثا، وهي السياسة المطلوبة، والتي تقربنا إلى الله تعالى، وهي السياسة الشريفة لا الوضعيَّة، ولكنَّنا لسنا مع السياسة المعاصرة، والتي تحدَّث عنها الرئيس هاري ترومان الذي كان يحب أن يقوم بدور الدليل السياحي لزوار مكتبه في ولاية ميزوري ، فقد ذكر أنه كثيرا ما كان يقول للسياح ممازحا : في أيام حداثتي فكرت في الاختيار بين مهنتين ، إما العزف على البيانو في بيت بغاء ، أو تعاطي السياسة ، وقد وجدت بعد خبرتي الطويلة في السياسة ، أنه لا مجال للحيرة لأنَّه لا فرق بينهما ) عن كتاب عرب أمريكا رهائن بائسة ص303

    فهذا هو الواقع السياسي يا شيخ عائض، فلم دخلت فيه وأقحمت قلمك فيه من أكبر أبوابه للحديث عن أوباما في أكثر من ثلاث مقالات؟

    نعم لقد نجح أوباما وأرضى قلوب الكثيرين من طيبي القلوب أمثالك يا شيخ (عائض)، ثم رجع أوباما إلى حيث مصدر القرار لكي يأمر بقرارات جديدة صدرت عَقِبَ توليه الحكم، ونحن لا نزال نقول له: أهلا وسهلا بك يا أوباما بل نقول له ما لم يقله رؤساء الدول العربيَّة حين استقبلوه، حيث قلنا له: (مرحباً ألف) وأظنَّها تحيَّة أهل عسير[1] لمن يحبون يا شيخ عائض ... أليس كذلك؟!!

    إشكالية مقال الشيخ (عائض):

    أود ـ يا شيخ عائض ـ أن تجلس مع نفسك جلسة خاصَّة لعلَّك تتخذ قراراً مهماً حيث عرفنا عنك عدداً من القرارات التي قد صرَّحت بها في وسائل الإعلام، وهذا القرار هو ما كنت تنادى به كثيراً في كتبك وهي العزلة المؤقتة).

    لعلَّك تعتزل الناس قليلاً وترى شيئاً من تصريحاتك وقراراتك وتدقق النظر فيها، وهل كانت حقيقة توافق منهج السلف الصالح ـ الذي تنادي به ولا زلت ! ـ وهل كانت الكثير من قراراتك وآرائك التي أثرت بها زوبعة في عالم الإعلام، عن دراسة وعمق فكري، ووعي ريادي، ومصلحة حقيقيَّة، أم أنَّها حماسة واندفاعات لم تجد قدراً من المدارسة ولا المباحثة المتعمِّقة؟!...

    ودعني أضرب لك مثالاً على ذلك فقد قرأنا مقالك الموسوم بـ : (أهلاً وسهلاً بباراك أوباما) المنشور في جريدة الشرق الأوسط، وقد وجدت فيه ضعفاً في الوعي السياسي، وقصر نظر في عالم السياسة المخضوب بالألاعيب، وطيبة قلب منك ـ هكذا أحسبها ـ وأنت تتحدث مع هذا الشخص الذي قلبك فأراك قد همت وأعجبت به، وإلى خطابه قد ركنت وملت!

    إنما أريد أن أحاكمك إلى ما قاله الله تعالى في كتابه العزيز حينما قال عن الكفاريرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم)، وهذا هو الذي جرى مع أوباما حيث أرضى المسلمين بلسانه، وتكلَّم كلاماً لطيفاً ظاهره الرحمة وباطنه من قِبَلِهِ العذاب) لكنَّما الأفعال لم تصدق الأقوال، والأمر كما قال الشاعر:

    يعطيك من طرف اللسان حلاوة*** ويروغ منك كما يروغ الثعلب

    دعني أذكرك يا شيخ عائض بأسلوب أجمل من أسلوب أوباما حينما كان يخاطب نابليون بعض المغفلين والبسطاء ممن تنطلي عليهم الكلمات الرنَّانة من الشعوب التائهة ، وكان ذلك تحديداً في الأول من يوليو سنة 1798 الموافق لآخر محرم 1213 هجرية عندما خطب القائد نابليون الأمة المصرية في الاسكندرية قائلاً: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله لا ولد له ولا شريك له في ملكه، أيها المشايخ والأئمة، قولوا لأمّتكم إنَّ الفرنسيين هم أيضاً مسلمون مخلصون وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في روما الكبرى وخرّبوا فيها كرسي البابا الذي كان دائماً يحث النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطا وطردوا منها الكوالليرية الذين كانوا يزعمون أن الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين .... يا أيها المصريون قد قيل لكم إنني ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم، فذلك كذب صريح فلا تصدقوا. وقولوا للمفترين أنني ما قدمت إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين، وأنني أكثر من المماليك عبادة لله سبحانه وتعالى واحترام نبيه والقرآن العظيم، وقولوا أيضاً لهم أن جميع الناس متساوون عند الله، وأن الشيء الذي يفرقهم عن بعضهم هو العقل والفضائل والعلوم فقط، وبين المماليك والعقل والفضائل تضارب، فماذا يميزهم عن غيرهم حتى يستوجبوا أن يتملكوا مصر وحدهم"، ويستمر نابليون في عرض احترامه للثقافة والدين الإسلاميين، فيبشر المصريين بالسعادة والسرور القادم بهما من عاصمة النور باريس إلى قاهرة المعز ، فيقول: "رب العالمين رؤوف رحيم وعادل وحليم ومن الآن فصاعداً لا ييأس أحد من أهالي مصر من تقلد المناصب السامية، واكتساب المراتب العالية ، فالعلماء والفضلاء والعقلاء سيدبرون الأمور وبذلك يصلح حال الأمة كلها". ويختم نابليون خطابة بالدعاء إلى الله قائلاً: "والمصريون ينبغي أن يشكروا الله سبحانه وتعالي لانقضاء دولة المماليك قائلين بصوت عال، أدام الله إجلال السلطان العثماني، أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي، لعن الله المماليك، وأصلح حال الأمة المصرية".

    وتخيَّل معي قليلاً : لو جاء أحد بعد خطاب نابليون الذي يعرفه القاصي والداني من الأمة المسلمة والذي ارتكب الكثير من المجازر والمظالم في حق الأمة المسلمة قبل خطابه ذاك وبعده كذلك، فلو جاء شخص وقال له: شكرا لك يا من أتيت تخلصنا من الظلم، شكراً لك يا من احترمت ديننا واعترفت به، شكراً لك يا من قرَّبتنا إلى الله!! فأمرتنا بشكره لانقضاء دولة المماليك!!

    لو جاء شخص وشكره بعد هذا الخطاب في جريدة يقال لها مثلا: (الشرق المصريَّة) ثم قرأنا كلام من شكر ذلك المجرم نابليون فماذا عسانا أن نقول فيه؟!!

    أدع الجواب لك فضيلة الشيخ!!

    والواقع هو الواقع يا شيخ عائض...

    لا تصدق بالله عليك ذلك الهراء الذي أدلى به أوباما للشعوب المسكينة ..

    أربأ بك والله يا شيخ عائض أن تكون (طيباً) إلى هذه الدرجة، وأنت تشاهد ما يعانيه المسلمون على أيدي القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان وبتأييد أوباما نفسه لليهود في حق إقامة الدولة اليهوديَّة وإجرام الدولة الصهيونيَّة في حق المسلمين الفلسطينيين، ثمَّ تقوم بشكر أوباما يا أيها الشيخ الجليل!!

    ألا تعلم يا شيخ عائض أنَّ معظم المعلقين الصهاينة في الصحف (الإسرائيليَّة) قد رأوا أن خطاب أوباما يخدم في الأساس المصالح (الإسرائيلية)، حتى عندما يطالب بوقف الاستيطان، وينادي بإقامة دولة فلسطينية، وأنَّ المحللين السياسيين منهم لا يرون في خطاب أوباما شيئا يمكن أن يقال إنَّه خلاف جوهري بينه وبين حكومتهم الحاليَّة...

    هكذا وأرجوك أن تبحث في (الإنترنت) قليلاً لترى بعض المواد المترجمة من الصحف العبريَّة الصهيونيَّة واحتفاء الكثير منها بخطاب أبو حسين
    !

    للداعية خباب الحمد
    « كيف نكون أحباب رسول اللهمصر ترحل طلبة شيشانيين إلى روسيا »

    Tags وسوم : , ,
  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق