• الكافر والمشرك والضال

    الكافر والمشرك والضالصورة رائعة لحال الكافر الذي انسلخ من آيات الله بعد أن أعطيها وهُدي إليها، فكان هذا الانسلاخ سببا في أن يجتاله الشيطان ويتبعه ويضله عن سواء االسبيل، وسيعيش في هذه الحالة ـ حالة الكفر والضلال ـ شقيا ظمآن، يعاني الضنك والحرمان، لن يرويه شيء، ولن يشبعه شيء، ولن يقنعه شيء، { وَمَن أعْرَضَ عَنْ ذِكري فَإنّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكا(124)}(طه) ، وسيعيش في تعب وصغار طوال عمره، وقد شبهه القرآن ـ في حاله هذه ـ بحال الكلب الذي لا يعرف السكينة ولا الراحة، فهو يلهث باستمرار، حملت عليه ام لم تحمل، عطش أم روِي، جاع أم شبع.

     

    ـ قال تعالى: { ...وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31)}(الحج)

    هذا تشبيه لحال المشرك، فهو ساقط عند الله، منتكس بضلالته، لا شأن له، يشبه من خر من السماء، لا شيء يحميه، أو ينقذه من الخطر الذي يحيط به، وهو لا بد ولقع في المعاطب، هاوٍ إلى التهلكة، ستخطفه الطير فتقطعه بمخالبها، وتمزقه إربا إربا، أو ستهوي به الريح في مكان سحيق.

    إنها صورة التمزق والضياع التي يعيشها المشرك بالله، الكافر بنعمه، وهي صورة مرعبة مخيفة، تمثل سوء العاقبة وهولا لنهاية، وردت على شكل التشبيه التمثيلي: المشرك في انخلاعه من حماية الله، وتركه المرفأ الأمين، كالساقط من السماء والأخطار التي تحدق به منكل مكان.

    2 ـ قال تعالى: { قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(71)}( الأنعام).
    هذا تصوير لحال المؤمن الذي يهم أن يرتد في الضلالة بعد الهداية، بتأثير أهل الباطل وإغوائهم وإفسادهم، بحال من استهوته الشياطين ـوهم أهل الضلال ـ واستغوته، وزينت له هواه، وحاولت إبعاده عن أصحابه أهل الحق، فهو حيران مضطرب، لا يدري إلى أين ينحاز؟ إلى أصحابه الذين يدعونه إلى الهدى ويقولون له: تعال ائتنا، أم الشياطين التي تجذبه بعيدا؟
    صورة تمثل هذه الحيرة وهذا الاضطراب، وتصور هذا التمزق النفسي والضياع الروحي اللذين يتعرض لهما من يحاول أن يبتعد عن هدي الله. إنه عندئذ أسلم نفسه للشياطين، وضع نفسه تحت سلطانهم. إنه تشبيه أخرج الفكرة المجردة المبهمة في هذه الصورة التجسيدية المحسوسة.

    3 ـ قال تعالى: { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)}(الأعراف).
    هذه صورة رائعة لحال الكافر الذي انسلخ من آيات الله بعد أن أعطيها وهُدي إليها، فكان هذا الانسلاخ سببا في أن يجتاله الشيطان ويتبعه ويضله عن سواء االسبيل، وسيعيش في هذه الحالة ـ حالة الكفر والضلال ـ شقيا ظمآن، يعاني الضنك والحرمان، لن يرويه شيء، ولن يشبعه شيء، ولن يقنعه شيء، { وَمَن أعْرَضَ عَنْ ذِكري فَإنّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكا(124)}(طه) ، وسيعيش في تعب وصغار طوال عمره، وقد شبهه القرآن ـ في حاله هذه ـ بحال الكلب الذي لا يعرف السكينة ولا الراحة، فهو يلهث باستمرار، حملت عليه ام لم تحمل، عطش أم روِي، جاع أم شبع.

    إنها صورة للقماءة وسوء الحال والتعب المستمر، جاءت على شكل التشبيه التمثيلي تزرع الرعب والخوف من مصير الكافر، وتنفر من صورة الضلال والارتداد عن الهدى أو الارتكاس في الضلال، أخرجت المعنى المجرد ـ معنى الانسلاخ من الإيمان ـ في صورة محسوسة، صورة الكلب المشاهدة المعاينة المعروفة.
    البلاغة العربية ـ وليد قصاب ـ ص 77 ـ 78

    عن موقع لمسات بيانية

    « سنوات خداعاتقضي الأمر الذي فيه تستفتيان »

    Tags وسوم : , , , ,
  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق