• يوم تُقلّبُ وجوهُهُم في النار

    يوم تُقلّبُ وجوهُهُم في النارالسعير نار تلظّى بما لا يتخيله متخيل . يقول علماء الجيولوجيا : إن حرارة الغليان في باطن الأرض يفوق عشرين ألف درجة ، والأرض كوكب الحياة ، فماذا تقول بملايين الدرجات في ظاهر الشمس ناهيك عن باطنها ! ولا ننس أن هذا كله يمثل الحياة الدنيا ، فكيف بنار جهنم المسعّرة ؟ .
    - ولعل الإنسان يجد في الدنيا من يساعده ويسانده ، ويدافع عنه إذا لزم الأمر ، فهل لهؤلاء من ناصر هناك والقاضي إذ ذاك رب العالمين ؟! ومن الذي يشفع لهم ،والله يقول : " منْ ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " (من آية الكرسي) ومن يجرؤ أن يكون وليّ الكافرين والجميع خائفون وجـِلون يسألون الله العفو والغفران والنجاة من النار والفوز بالجنة ؟

     

    - قرأ الإمام في صلاة العشاء من سورة الأحزاب قوله تعالى :
    " إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64)"
    قلت في نفسي : ما أشد اللعن وأسوأه ! إنه الطرد من الرحمة ، ومن الطاردُ ؟ إنه ملك الملوك يفعل مايشاء ، ولا رادّ لما يشاء ، ومن طُرد من رحمة الله فليس له من مأوى سوى النار – والعياذ بالله تعالى من ناره – وتوقف معي عند كلمة " أعدّ " تجد المصير المخيف لهؤلاء في جهنم . ألا ترى أن الإنسان حين يشترى داراً يهيئها لمدة قد تطول العمر الدنيويّ كله ، و يسعى أن تحوي كل صنوف الراحة ويرتبها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ؟ لكنّ الإعداد الإلهيّ للكافر في النار يتضمن ما يستحقه الكافر من عذاب وتنكيل وإهانة وويلات ، وإعداد الله غير الإعداد البشري - ولا تصح المقارنة بين الخالق والمخلوق - فقد باع الكافر الذي ظلم نفسه بالجحود والنكران آجله بعاجله ، فليس له في الآخرة إلا النار يخلد فيها أبد الآبدين – نسأل الله العافية من سوء المصير –
    قال تعالى : " خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (65) "
    والسعير نار تلظّى بما لا يتخيله متخيل . يقول علماء الجيولوجيا : إن حرارة الغليان في باطن الأرض يفوق عشرين ألف درجة ، والأرض كوكب الحياة ، فماذا تقول بملايين الدرجات في ظاهر الشمس ناهيك عن باطنها ! ولا ننس أن هذا كله يمثل الحياة الدنيا ، فكيف بنار جهنم المسعّرة ؟ .

    - ولعل الإنسان يجد في الدنيا من يساعده ويسانده ، ويدافع عنه إذا لزم الأمر ، فهل لهؤلاء من ناصر هناك والقاضي إذ ذاك رب العالمين ؟! ومن الذي يشفع لهم ،والله يقول : " منْ ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " (من آية الكرسي) ومن يجرؤ أن يكون وليّ الكافرين والجميع خائفون وجـِلون يسألون الله العفو والغفران والنجاة من النار والفوز بالجنة ؟
    - فلما وصل الإمام إلى قوله تعالى :
    " يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (66)" قارنت بين صورتين متشابهتين ، إنهما صورتا الشواء تتماثلان ظاهراً وتختلفان حقيقة . وترى نفسك جالساً أمام كانون النار المتوهّجة تقلب اللحم المشويّ لذيذ الطعم والرائحة ، مبتسماً تضاحك جليسك الذي يثبت اللحم على السفـّود ، ويعطيكه لتصفّه مع مثيله على النار ، وتسمع أزيز النار حين يقع عليها شيء من الدهن فتفوح رائحة الشواء الشهيّة ، فتزداد رغبة فيه ويسيل لعابك فتتناول منه ما يُسكّن رمقك قبل التمتع بأكله مع الحاضرين . وشتان شتان بين هذه الصورة وصورة الكافر بين يدي الزبانية في نار جهنّم يقلّبون وجهه على جمر نارها ، وهو يصرخ مستغيثاً مسترحماً ولا من سامع ، ولا من راحم .
    قال سبحانه : " كلما نضِجَت جلودُهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب " ( سورة النساء ـ من الآية 56) فهو المشويّ في النار لا عليها ! والشيّ مستمر لا ينتهي ، خالد لا ينفد .

    - إن الكافر هو الذي يحترق ، وما الذي يشوى هنا ؟ إنه الجسم كله ، وذكرتِ الآية ُ الوجهَ لأنه الذي كان متجهماً مستكبراً ، كل ما فيه ينبئ عن نفسية الكافر المعاند من جبين مقطِّب ، وأنف شامخ ، وعينين لامزتين غاضبتين ، وصفحة معرضة ، ولسان بذيء ... ينبئ عن قلب مربدّ أسود .... ألا يستحق الكافر بعد هذا أن يُقلّب وجهه في النار؟ ولكن النار التي يقلب المسكين فيها أعظم وأدْوَم .

    - ويتمنّى الكفار لو كانوا في الدنيا طائعين لله والرسول ، ولكن هيهات هيهات ،
    ليتَ .... وهل تنفع شيئاً ليتُ ؟؟ !!

    - لماذا ؟ والتمنّي سلاح المضيّع ، وآفة الآفات .. كان الهدى أمامه فأباه ، والضياء بين عينيه فأغمضهما ، والفوز بين يديه فعافه . فهو من ظلم نفسه ، لم يظلمه أحد .

    - وترى الخاسر الضعيف يحمّل غيره وزر فشله ، ويعزو إلى سواه جريرته ، قال عز وجل :
    " وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) " لا شك أن السادة الكبراء يأمرون ويفرضون ما يريدون ، لكنّ المستجيب لغطرستهم والمؤتمر بأمرهم ضعفاء النفوس والإيمان ، من يتصف بالجبن والخور ، ويؤثر السلامة ويرضى بالدنيّة ، وهم – في الحقيقة – جزء من تركيبة الفساد ، وبهم يرمي الظالم ويعربد ، إنهم جميعاً من نسيج واحد . ولهذا دمجهم الله تعالى جميعا في الخطيئة في قوله :
    " إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين " (القصص ـ من الآية 8 )
    - يعترف ضعفاء النفوس أنهم كانوا ضالين ، لقد عرف الظلمة في أتباعهم ضلالهم فاستغلوه ، وأمروهم فأطاعوهم ، فضلوا عن السبيل القويم وأضلوا ..
    وكما يدعو المؤمن لأخيه المؤمن بالهداية والدرجات الرفيعة في الدارين لأنه السبب في دخول الجنة ورضى الله تعالى عنه ويسأل الله أن يرفعهما جميعاً في عليين يدعو الضال على الضالّ ويسأل الله أن يزيده عذاباً لأنه السبب المباشر في المآل الرهيب :
    " رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68) "

    ... قارن أخي بين علاقة كل من الطرفين بمن معه ، فالمؤمن يدعو لأخيه بالخير ، والكافر يدعو لقرينه بالشر ، والبون بين هذا وذاك شاسع وكبير ......ويجيب الله تعالى في سورة الأعراف " قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون ( 38)"
    وكل يستحق ما يناسب نيته واعتقاده وعمله . ..
    الدكتور عثمان قدري مكانسي
    نسأل الله الهداية وحسن الختام

    « هذا بلعام من بنى اسرائيلقالوا ربنا الله ... ثم استقاموا »

    Tags وسوم : , , , ,
  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق