• مرشح أمريكا

    مدونة لقمان

               الدكتور محمد البرادعي كان مرشح واشنطن عام 1997 لرئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحصل بجدارة على 33 من 34 صوتا، بينما خرج مرشح مصر الدكتور محمد شاكر من الجولة الأولى، ورغم ذلك ظلت معارضة له لأسباب مجهولة، ربما يعرفها زميل دفعته في وزارة الخارجية عمرو موسى.
              خلفية البرادعي أمريكية بامتياز، فبعد تعيينه في الخارجية عام 1964 حصل على منحة من جامعة نيويورك لينال الدكتوراه هناك، ويلتحق للعمل بمعهد يونيتار التابع للأمم المتحدة، ومنه إلى مكتب الوكالة الدولية للطاقة النووية بنيويورك، ثم مستشارا قانونيا في مقرها بالنمسا، حتى خلف بصورة مثيرة "هانز بليكس" في رئاسة الوكالة.
    الدكتور محمد البرادعي كان مرشح واشنطن عام 1997 لرئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحصل بجدارة على 33 من 34 صوتا، بينما خرج مرشح مصر الدكتور محمد شاكر من الجولة الأولى، ورغم ذلك ظلت معارضة له لأسباب مجهولة، ربما يعرفها زميل دفعته في وزارة الخارجية عمرو موسى.

    خلفية البرادعي أمريكية بامتياز، فبعد تعيينه في الخارجية عام 1964 حصل على منحة من جامعة نيويورك لينال الدكتوراه هناك، ويلتحق للعمل بمعهد يونيتار التابع للأمم المتحدة، ومنه إلى مكتب الوكالة الدولية للطاقة النووية بنيويورك، ثم مستشارا قانونيا في مقرها بالنمسا، حتى خلف بصورة مثيرة "هانز بليكس" في رئاسة الوكالة.

    الاثارة أن الأمور جرت على أن تقوم الدولة بترشيح أحد أبنائها للمناصب الدولية، هكذا فعلت مصر مع الدكتور بطرس غالي أمينا عاما للأمم المتحدة، وكان ترشيحه قائما على معايير معينة وفت بها مصر، فأهدتها أمريكا المنصب.

    يقول بعض الكتاب إن البرادعي أخطأ في خطابه السياسي للمصريين، فتعرض لنقاط الاختلاف كالمادة الثانية من الدستور، مع أن الحكمة اقتضت أن يبدأ بنقاط التوافق. الواقع أن ثقافته عن مصر تقف عند عام 1964 ومن ثم رأيناه رغم معيشته الطويلة في حضن الرأسمالية يكرر عبارة العدالة الاجتماعية الاشتراكية، أما أحاديثه عن الاصلاح والديمقراطية والفساد والعشوائيات، فهي ثقافة مقروءة، ليس فيها جديد، يكررها المعارضون في مصر منذ عهد السادات وحتى الآن بنبرة أكثر عمقا وفهما ومعايشة.

    قبوله للمغامرة التي وضعه فيها شباب الفيس بوك والنخبة المعارضة المخملية، يتنسجم مع طريقته في الوصول إلى منصبه الدولي السابق، فقد تحدى النظام وفاز بواسطة هيمنة أمريكا، فلماذا لا يتكرر ذلك؟!

    تعلم واشنطن أنها في مواجهة حليف يلفظ أنفاسه الأخيرة، مكروه شعبيا، غارق حتى أذنيه في الفساد.. بطالة واعتقالات.. رئيس مسن مهاجر إلى مدينة صغيرة معزولا عن معاناة شعبه، ونجل يقوم بمهام الرئيس بدون مسوغات دستورية، جعله وجهه الصارم "المكشر" دائما وعلاقاته برجال البزنس وثروته المتنامية بسرعة غريبة، مكروها في كل بيت بمصر.

    منذ سقوط شاه ايران الذي أصرت عليه أمريكا ثم تخلت عنه في الوقت الضائع، وهي تعي الدرس جيدا. صارت على استعداد للتخلي عن حليف "يطلع الروح" إلى حليف آخر، دون أن يكلفها ذلك 700 بليون دولار انفقتها على تغيير نظام صدام حسين و4300 جندي قتيل منذ الغزو وحتى الآن.

    ساهم النظام في ذلك الهاجس باصراره على رفع "فزاعة الإخوان المسلمين" كلما نُصح بانتخابات نزيهة لامتصاص الغضب، وخفض معدلات الفساد الاقتصادي والإداري الذي تتربع عليه مصر.

    لابد أن الرئيس الشاب أوباما أدرك خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، وكان الرئيس مبارك أيامها في قمة الحزن على وفاة حفيده عليه رحمة الله، أنه أمام نظام انتهى عمره الافتراضي ولا تجدي معه أي عمليات تجميل.

    جمال لا يصلح لأنه شخصية مكروهة وضعيفة. لقد اعتادت مصر منذ عام 1952 على أن يحكمها الجنرالات، وفي عهد مبارك صارت المحافظات بمثابة صور مصغرة من "الجمهورية" إذ يحكمها جنرالات أيضا، بمن فيهم محافظ قنا المسيحي.

    في دولة هذا أرثها الطويل لن يستطع "جمال" أن يمضي بعيدا، سيسقط سريعا مع أول عملية إختبار قوة يقوم بها الاخوان أو أي فصيل إسلامي، وبواسطة جنرالات أيضا!

    اخترع "الفيس بوك" الذي يموله رجل الأعمال نجيب ساويرس باستثمارات هائلة كانت سببا في حجب كثير من المجموعات الإسلامية، شخصية المنقذ أو المُخلص متمثلة في رجل تربى سياسيا ونفسيا في أمريكا والغرب، لم يعرف عنه جهره بأداء واجباته الدينية أو اهتمامه العلني بهذه الأمور، ولم يفكر في الحج أو العمرة رغم اقتداره.

    صحيح أنها أمور شخصية، لكنها تجذب اهتمام صانع الحلفاء (الأمريكي) خصوصا في بلد متفجر دينيا في مصر، تعيش فيه أقلية تشكو دائما من الاضطهاد والاستبعاد والتهميش.

    لم يخطئ البرادعي طريقه كما يظن البعض عندما خرجت منه أول التصريحات بعد بيانه بقبول ترشيح "الفيس بوك".. فقد أعلن معارضته لمادة الشريعة الإسلامية، وانتقد من يرفض "المسيحي" رئيسا للجمهورية، ثم دلف في قضية ليست مثارة بسخريته من أن مصر في القرن الواحد والعشرين لا تزال تقول إن هذا سني وذاك شيعي بالنسبة لمسلميها، أو هذا مسلم وذاك مسيحي بالنسبة لمواطنيها بشكل عام!

    ما الذي حدث؟.. أحد منسقي حملته على الفيس بوك هو نجل لعالم إسلامي شهير وقف في العام الماضي وقفة شديدة ضد جهود إيران لنشر المذهب الشيعي في الدول الإسلامية التي يسود فيها المذهب السني.

    زعماء الشيعة في لبنان وايران تصدوا له بعنف ووجهوا له الشتائم والبذاءات، ثم خرج أحدهم ليقول إن غضب "العالم الكبير" سببه تحول نجله إلى المذهب الشيعي، وعندما سأله الصحفيون قال بورعه وتقواه: اسألوه هو.

    بطريقته المعتادة منذ مقاطعته لوالده التي تمتد لعدة سنوات، رفض "الشاعر" الإجابة. هو أصلا يرفض كتابة اسمه الثلاثي الذي يظهر نسبه العائلي على طريقة "لن أكون في جلباب أبي"!

    لم يقف المنقذ عند هذا الحد بل تطرق إلى قضية نصر حامد أبو زيد مدافعا عن الابداع و"الزندقة" في التفكير.. ما الذي يجعل قصة قديمة على رأس أولويات سياسي يتطلع إلى المقعد الأول.. هل هو ارضاء لأحد أنصاره – محمد عبدالقدوس مثلا – أم أنه يوزع الهدايا مقدما على الطريقة الأمريكية؟!

    كل هذه الأمور الصغيرة نستطيع أن نقيس عليها قدرات سياسي مبتدئ، قرر خوض العمل السياسي العام منذ أسابيع قليلة... هل يملك قدرة طرح برنامج وأفكار بريئة، أم أن المحيطين به أو الواصلين إليه يستطيعون التأثير عليه وخداعه بسهولة؟!

    شيء من هذا نراه في قراءة إدارته لشؤون الوكالة الدولية، فهو لم يسلم من الشكوك حول ضعفه وخنوعه والتغرير به وتأثره بصانع القرار الأقوى. رئاسته للجنة التفتيش على الأسلحة النووية في العراق انتهت بالغزو، وقد امتنع حتى اللحظة عن الرد على تلك الشكوك أو الشبهات. لقد أقسم ثلاث مرات مع كل ولاية جديدة أن يكون محايدا ومستقلا، فهل أبر بذاك القسم؟!

    بعد تقريره الذي قدمه وأثبت فيه أن العراق خال من السلاح النووي، هدد بأنه سيستقيل إذا غزت أمريكا العراق. الذي حدث بعد ذلك أن مرؤوسه في اللجنة ضابط المخابرات الأمريكي "سكوت ريتر" هو الذي استقال احتجاجا، بينما نسي البرادعي تهديده تماما إلى أن خرج إلى "المعاش"!

    في أسباب استقالته كتب ريتر "البرادعي لم يجد أسلحة نووية، لكن البعض من أعضاء لجنته قاموا بدون علمه بوضع علامات في الأماكن الحيوية لضربها جوا، وعندما شعر بذلك طلب من العراقيين فتح أماكن أخرى لتفتيشها"!

    ربما فعل ذلك بحسن نية لابطال أي مبرر لهجوم الأمريكي المرتقب، لكن الغز حدث سريعا وبمساعدة أعضاء في لجنته غرروا به على الأقل!

    لماذا لم يستقل البرادعي إذاً.. بسبب استغلاله – دون علمه – في عمل لا أخلاقي وقع بسببه عشرات الآلاف من الضحايا.. أو وفاء لتهديده؟!

    السؤال الآخر الأهم.. هل يصلح لولاية مصر، من جرى خداعه ببساطة شديدة، ولما اكتشف الخداع المؤلم كتم الوجع في نفسه ولم يقل "آه"؟!
    المصريون
    « العلاج بالرقيةنجاد الآراداني »

    Tags وسوم :
  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق