• مصر :الانتحار أو التوريث

    مدونة لقمان

    لمقارنة بين محمد البرادعي ورجب طيب أردوغان باطلة تماما. ما حدث من تحول في تركيا لم يأت بيد رجل علماني متأفف من أن تكون مؤسسات الدولة إسلامية كما هو حال البرادعي، وإنما جاء من رجل إسلامي، يضع المصحف أمامه وسجادة الصلاة بجانبه منذ بدء انخراطه في العمل العام، وهكذا وجدت أردوغان يوم دخلت عليه مكتبه عندما كان حاكما لولاية اسطنبول.
    المقارنة بين محمد البرادعي ورجب طيب أردوغان باطلة تماما. ما حدث من تحول في تركيا لم يأت بيد رجل علماني متأفف من أن تكون مؤسسات الدولة إسلامية كما هو حال البرادعي، وإنما جاء من رجل إسلامي، يضع المصحف أمامه وسجادة الصلاة بجانبه منذ بدء انخراطه في العمل العام، وهكذا وجدت أردوغان يوم دخلت عليه مكتبه عندما كان حاكما لولاية اسطنبول.

    ماذا يعني "المنقذ المنتظر" بقوله لمنى الشاذلي إن الدولة إسلامية ولكن مؤسسات الدولة لا يجب أن تكون إسلامية؟!..

    المعنى ليس في بطن الشاعر بل مطروحا لمن يتعمق ويحلل. إنه منهج الغرب للعالم الاسلامي كله بحذف الدين من مناهج الدراسة في المؤسسة التعليمية، ومن الهويات في مؤسسة الأحوال الشخصية، ومن عقود الزواج في دوائر المأذونية، ومن الاقتصاد والسياسة والعمل العام.

    الدين "كهنوت العصور الوسطى" الذي يجب أن يحبس داخل المساجد أو في غرف البيت. لا فرق بين الأديان. الدين لله والوطن للجميع، فمن أراد أن يترك الاسلام فليفعل ولن يجد أمامه وزارة الداخلية تمنعه من تسجيل ذلك في بطاقات الهوية، لأنها ستكون بلا ديانة. ليذهب المسيحي فيتزوج مسلمة كما يريد، فلن يسأله أي مأذون عن دينه.

    البرادعي يرى كسائر الليبراليين المرددين لخطاب الغرب أن أزمة العالم الاسلامي تكمن في مناهج التعليم التي يتعلم فيها القرآن الكريم، وأحاديث الرسول. آيات الجهاد صنعت "القاعدة" وأساءت للمسلمين. والمناهج الدينية الحالية سبب في حالة انقسام الشعب المصري بين مسلم ومسيحي.

    لهذا بدأ حملته في سباق الرئاسة بالدعوة التي ترددها المنظمات القبطية المهاجرة لالغاء المادة الثانية من الدستور. وأنا لست هنا مع رأي الأستاذ جمال سلطان وغيره من المستهينين بأهمية هذه المادة، فهي تستخدم في اطارها القانوني لمنع حملات تنصير تستهدف مصر وتستطيع أن تؤتي ثمارها بسهولة كما فعلت في اندونيسيا وتفعل في الجزائر حاليا مما اضطر السلطات هناك الى اصدار قوانين لمنعها.

    لولا وجود هذه المادة، ما استطاعت وزارة الداخلية صد محاولات كثيرة وصلت لساحة القضاء للتحول إلى عقائد أخرى. متنصرون يريدون اثبات ديانتهم الجديدة، ومسيحيون سابقون اعتنقوا الاسلام ثم ارتدوا عنه بعد تنفيذ أغراضهم في التخلص من مشاكل اجتماعية معينة. عندي أرقام خطيرة لن أكشف عنها حاليا حتى لا أسبب احراجا للجهة التي سربتها، فمهما اشتد المهاجمون على الاسلام في دوائر الحكومة، هناك من ينبض قلبه حبا وخوفا على دينه ونفسه وابنائه.

    ذلك يفسر التأييد الكبير الذي يلقاه البرادعي من المتنصرين على شبكة الانترنت، بالاضافة إلى دعاة الفرعونية. وهنا أنقل ما كتبه الدكتور عماد سعدالله حول الجهات التي تروج للبرادعي، بداية من جريدتي المصري اليوم، واليوم السابع المعروفتين بتوجهاتهما وتمويلهما، والحزب الدستوري الذي شكل جبهة لدعمه تشمل مؤسسي الجروب الخاص به على الموقع الاجتماعي "فيس بوك" والحزب الليبرالي المصري وشباب ضد التوريث ومصريون ضد التمييز.

    الحزب الدستوري الحر دخل رئيسه ممدوح قناوي الانتخابات الرئاسية الماضية كديكور ليحصل على مليون جنيه من الدولة، وخمسة آلاف صوت. وقناوي عضو في مجموعة تدعو لالغاء الهوية الاسلامية لمصر، أما محمد جيلاني مؤسس جروبب البرادعي على الفيس بوك، فقد قام بتنظيم حفل رأس السنة الفرعونية 6250 في استراحة على طريق مصر الاسكندرية الصحراوي.

    "جروب" البرادعي رئيسا لمصر 2011 من ابتكار جيلاني ومعه آخرين من أهمهم سامي حرك محامي ووكيل حزب مصر الأم الذي رفضته لجنة الأحزاب بسبب تناقضه مع المادة الثانية من الدستور التي نستسهل الغائها بدعوى عدم فائدتها، فقد نص برنامجه على الدعوى للفرعونية والغاء الاسلام والعروبة تماما من الدستور واعتبار اللغة الرسمية القديمة لغة رسمية.

    أما الحزب الليبرالي المصري فيضم مجموعة من المتعصبين الأقباط والمتنصرين الذين يسبون الاسلام علنا ويعتبرونه السبب الرئيس لتدمير مصر اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وتعليميا، ويدعون لالغاء انتماء مصر العربي بالغاء المادة الأولى من الدستور، واعتبار اللغة المصلرية (القبطية) اللغة الرسمية، وهذا الحزب هو نفسه حزب مصر الأم الذي رفضته لجنة شئون الأحزاب، فتم تغيير اسمه، ومحاميه هو نفسه سامي حرك.

    من أنصار البرادعي على الانترنت أيضا "مصريون ضد التمييز" وهم مجموعة من الأقباط المتعصبين والمرتدين التي تتعامل مع مصر كأنها تقهر الأقباط ومع الأمن المصري كأنه يجبر النصارى على الاسلام، وكان اسمها "أقباط ضد التمييز" ثم تغيرت إلى اسمها الحالي.

    يقول الدكتور عماد: من هؤلاء يتواجد ممثلون في عدد من الأحزاب الرسمية القائمة، ومنهم مايكل نبيل في حزب الجبهة الديمقراطية وهو من مؤسسي الحزب المصري الليبرالي، ومحمد جيلاني في الحزب الدستوري وهو مؤسس حملة البرادعي على الانترنت.

    والغريب أن من أعضاء هذه الحملة من يدافع عن التطبيع في جروب على الفيس بوك اسمه "علاقات طبيعية مع اسرائيل".. ومنهم من يطالب بعودة الملك فؤاد الثاني إلى عرش مصر.. انتهى كلام الدكتور عماد سعدالله الذي قام ببحث متعمق لكشف العلاقات الغريبة خلف الترويج للبرادعي بعد أن لاحظ وجود أسماء معروفين بحنقهم على كل ما هو إسلامي في مصر.

    المشكلة هنا أن الناس تتعامل مع البرادعي على أنه المنقذ المنتظر، ويكشف ذلك عن غفلة سياسية باعتقادهم أن وصوله إلى الحكم كفيل بأن يختاروا ما يريدون. أمامهم تجربة العراق، فقد أغرقت الديمقراطية القادمة من الخارج البلاد في فوضى المحاصصة الطائفية والتدمير الاجتماعي، وانظروا إلى الصور التي توزع لفتيات عراقيات يعملن في الجيش الأمريكي!

    أجلس مع أي عراقي وطني الآن فستجده يترحم على أيام الديكتاتور صدام حسين، ليس حبا في نظامه، ولكن لأنهم وضعوا أمام اختيارين.. إما صدام وإما الديمقراطية القادمة على دبابة أمريكية.

    في حالتنا نحن يقولون إنه خيار ثالث.. وهو قول يراد به باطل، فنحن ليس أمامنا بالفعل حاليا سوى خيار حسني مبارك، أما التخويف بوجود الاخوان المسلمين باعتباره الخيار الثاني فهو يصب في ما تريده السلطة بفزاعتها للغرب. صحيح أن الاخوان متجذرون في الشارع المصري، لكنهم محبوسون في السجون أو مطاردون بزوار الفجر.

    خيار حسني مبارك سينتهي طبيعيا والأعمار بيد الله، بالنظر لكبر سنه. وبهذه الطريقة تغير الرئيسان السابقان عبدالناصر والسادات. الخوف كله إذاً من قطار التوريث، وهذا لا نستطيع أن ننكره، لكن الغلطة الكبرى أن نوقفه بالبرادعي، لأننا سنخسر كثيرا. من يسأل: ماذا بقي لنا لنخسره؟.. نجيبه سنخسر الكثير وأهمها وأخطرها تلك المنطلقات التي يركز عليها هذا الرجل.

    إنه انتحار أمام عجلات قطار التوريث لن نعود منه للحياة كما يتمنى البعض. فنظام البرادعي سيكون محميا بالامبراطورية الامريكية وأنصاره الذين جاءوا به. تغيير الدستور عملية خطيرة إذا تمت فلا يمكن العودة عنه لأن الأقلية القبطية ستدخل بقوة لتفرض أجندتها على الدستور الجديد، خصوصا أن البرادعي عندما عارض مادة الشريعة الاسلامية، قال إنه إذا بقيت علينا أن نضيف عليها مادة للشريعة المسيحية. وهذا يعني أننا أمام نصفين متساويين في دولة يعتنق أكثر من 96% من سكانها الاسلام.

    لسنا مطالبين بالاختيار بين الموت والموت.. أو بين نظام متسلط عجوز ينتظر السر الالهي ونظام معاد للدين يمتلك ترسانة غربية لن يقف أمامها أحد.
    المصريون
    « المقاومة العراقية :جهاد حتى النصرالأمازيغية السياسية »

    Tags وسوم :
  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق